وائل قنديل يكتب عن حريق تمرد و عمرو موسى في مجمرة الثورية المهجنة

 
 
الاعتداء علي مقر حملة  ' تمرد '  و اشعال النار فيه عمل جبان ومرفوض علي كل المستويات ,  ويوجب علي السلطة التنفيذية سرعة ضبط مرتكبيه وتقديمهم للعدالة لنيل العقاب اللازم ,  واذا كان رئيس الجمهورية قد تحدث كثيرا في حواره مع  ' الاهرام '  امس عن الردع بتطبيق القانون علي كل الخارجين عليه بلا استثناء او مجاملة ,  فان المطلوب الآن ترجمة فورية لهذا الكلام علي ارض الواقع. وايا مَن كان وراء هذا الحادث فاننا امام جريمة بشعة في توقيتها وسياقها الزمني .  ذلك انها تاتي في ظل حالة من استعار الغضب وبلوغ الاحتقان السياسي و المجتمعي حد الانفجار ,  ومن ثم لا يخفي علي كل من يمتلك عقلا ان المقصود منها التعجيل بافتتاح الجحيم واضرام النار في حطب الانقسام السياسي المؤهل للاشتعال مع القاء عود ثقاب من  ' مجهول '  هو معلوم بالضرورة لمن يجيد قراءة المشهد الراهن .
 
فمن يسعي لاحراق اية فرصة لانسنة الصراع السياسي وعقلنة الاشتباك بين التيارات و الاحزاب و الجبهات المختلفة لن يتورع عن توجيه ضربات استباقية خسيسة تقطع الطريق علي اية محاولة لحوار او نقاش او حتي تفاوض متحضر ,  يمنع تصادما مخيفا يلوح في الافق .
 
و علي ذلك فان مساعي حرق ايمن نور وعمرو موسي في مجمرة الثورية المهجنة لا تنفصل ابدا عن اشعال حرائق الفتنة في دمنهور منذ يومين وبعدها في مقر  ' تمرد '  بوسط القاهرة ,  و المستهدف واضح ولا يغيب عن اصحاب البصر و البصيرة و هو التبكير بوقوع الصدام بين قطارين ينطلقان بكل سرعة ورعونة عكس الاتجاه .
 
و مرة اخري :  لو وقع التصادم  لا قدر الله  لا اهمية هنا ولا قيمة لحمولة كل من القطارين ,  فالكارثة ستتوزع علي الجميع بالقدر ذاته ,  ولن ينقذ هذا القطار كثرة ركابه ,  و لن يعفي الآخر من الهلاك قلة اعداد من فيه ,  فعند الاصطدام و الاشتعال لن ينجو احد .
 
و لو رجعت بالذاكرة امتارا فقط الي الوراء ستجد اننا عشنا شيئا من ذلك حينما امتدت اياد وحناجر لاضرام النار في مقار لحزب الحرية و العدالة وتلا ذلك احراق مقار صحف ومؤسسات ,  و المؤسف في ذلك الوقت ان كيلا بمكيالين طغي علي ردود الافعال علي هذه الجرائم ,  واستفقنا علي نوع من عقيدة  ' الاستحلال '  لايذاء الخصم و التنكيل به ,  فلم تصدر ادانات مباشرة وصريحة لهذا الارهاب الاسود ,  بزعم غموض الموقف ,  و الاسوا ان هناك من حاول توفير غطاء سياسي ومنطق تبريري لها .
 
و من ثم يبدو غريبا ومحيرا التسرع في توجيه الاتهام للرئيس ونظامه وجماعته هذه المرة ,  وقبل ان تنطفئ السنة اللهب وتتكشف خيوط الجريمة ,  الامر الذي يجسِّد حالة من الخضوع للابتزاز و الانقياد الي المزايدة في المواقف المتشنجة ,  قبل ان يعرف احد مَنْ فعل ماذا و لماذا ؟
 
 ويبقي اسوا ما يمكن ان يصيب مصر ان يستسلم من يفترض انهم عقلاء وحكماء فيه لمنطق المزايدات ويجبنون عن مواجهة فزاعات التخوين وبالوعات البذاءة و الاسفاف المفتوحة علي امتداد الشارع السياسي ,  فيكتفون بالفرجة علي ابناء وطن تسلقوا معا قمة جبل ثم اتخذوا قرارا جماعيا بالانتحار سقوطا الي السفح .   
 
 
 
 
                                        
                                    
 
  
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
ليست هناك تعليقات :
إرسال تعليق