أحمد منصور يكتب : الدستورية تشل الحياة التشريعية و السياسية فى مصر

' حكم سياسي جديد بامتياز ' -- هذا هو مجمل التعليقات التي صدرت علي حكم المحكمة الدستورية في مصر يوم الاحد الماضي بحل مجلس الشوري و تاجيل التنفيذ لحين انعقاد مجلس النواب الذي لم يعد احد يعرف متي تجري انتخاباته و متي ينعقد بسبب تعقيدات المحكمة الدستورية للمشهد السياسي في مصر , فرغم الاعلان الدستوري الذي حصن الجمعية التاسيسية و مجلس الشوري من الحل الا ان المحكمة الدستورية ضربت عرض الحائط بهذه التحصينات و اصدرت احكامها علي مجلس الشوري و الجمعية التاسيسية للدستور لتفتح جدلا واسعا حول الدستور نفسه الذي منحه الشعب حجية اعلي من حجية المحكمة الدستورية , و لن اخوض هنا في السجال القانوني الذي فتحه الفضائيون من خبراء القانون و الدستور الذين يفتون في كل شيء كل حسب هواه السياسي , و لكنني استشهد برجل واحد احترمه و احترم آراءه لانه لم يغير موقفه من احكام المحكمة الدستورية منذ العام 1990 , حيث قال الدكتور ثروت بدوي استاذ القانون الدستوري : لقد تغولت المحكمة الدستورية علي محكمة الموضوع لانه ليس من صلاحيات المحكمة الدستورية اصدار الاحكام وانما تفسير النصوص التي تحال اليها من محكمة الموضوع سواء كانت مجلس الدولة او محكمة الجنايات او غيرها وفقا للدستور , ثم اعادتها لمحكمة الموضوع لتصدر هي الحكم وتتوسع فيه او تقتضب حسب الحالة , ومن ثم فان كل ما يصدر عن الدستورية من احكام هو في حكم المنعدم ' هذا هو الكلام الذي يرتاح له العقلاء , لكن ما تقوم به المحكمة الدستورية التي عين قضاتها المخلوع مبارك , اصبحت منذ حكمها بحل مجلس الشعب تصدر احكاما سياسية مباشرة وتغتصب حق محاكم القضاء الاداري في اصدار الاحكام , وهذا يعني ان قانون المحكمة الدستورية بحاجة الي مراجعة تشريعية وتوضيح للصلاحيات و الاختصاصات و الاحكام , كما ان احكامها بحاجة الي المراجعة في ظل ما كتب ونشر حول انها معيبة وبها تغول بل واغتصاب لحق المحاكم الاخري المنوط بها اصدار الاحكام , كما ان ادخال البلاد في حالة الشلل السياسي و التشريعي الذي وصلت اليه بسبب احكام المحكمة بحاجة ايضا الي ان نتذكر الظروف التي اسس بها جمال عبد الناصر المحكمة في 31 اغسطس 1969 حينما ارتكب مذبحة القضاء الشهيرة , و سمح للقضاة بالدخول الي عالم السياسة بالانتساب ظاهريا للاتحاد الاشتراكي و سريا للتنظيم السري الطليعي و دفع بهم ليكونوا خدم النظام يصدرون الاحكام التي يراها و يضربون عرض الحائط بالقانون , و ارجو من القراء ان يعودوا للمقالات التي كتبتها حول هذا الموضوع خلال الايام القليلة الماضية .
و رغم ان رئاسة الجمهورية اعلنت بعد صدور الحكم ان مجلس الشوري له حق التشريع الكامل حتي بعد اصدار الحكم الا المستشار حاتم بجاتو القاضي السابق في المحكمة و وزير الشئون القانونية و المجالس النيابية , قال ' ان مجلس الشوري له حق التشريع الكامل وفقا للدستور الحالي لكنه يري من وجهة نظره ان الظروف الحالية تقتضي بالا يشرع مجلس الشوري اي قانون الا في حالة الضرورة القصوي ' و الضرورة القصوي من وجهة نظر الوزير تعني ان تصاب الحالة التشريعية في مصر و من ثم السياسية بالشلل حتي اشعار آخر .
ليست هناك تعليقات :
إرسال تعليق