وائل قنديل يكتب عن المفاوضات السرية بين موسى و الشاطر


لا تتوقع من العنوان اعلاه شيئا يخص ما جري في العشاء الذي جمع خيرت الشاطر وعمرو موسي في منزل ايمن النور -- هو فقط محاكاة لعنوان كتاب شهير للاستاذ محمد حسنين هيكل عن ' المفاوضات السرية بين العرب واسرائيل ' علي ضوء هذا الحريق الذي اندلع في حقول السياسة المصرية فور الاعلان عن لقاء يجمع المرشح الرئاسي السابق ونائب المرشد العام للاخوان المسلمين ورئيس حزب الحرية و العدالة سعد الكتاتني.

لقد نجحت ماكينات ضخ الكراهية في تحويل لقاء بين مصريين علي ارض مصرية الي خيانة وطنية واخلاقية , ومن عجب ان من بين الذين يعتبرونها هكذا من تلوثت اياديهم بمصافحة الصهاينة وتعفرت اقدامهم في مشاوير تطبيعية مع سياسيين وخبراء من الكيان الصهيوني.

وتبدو غريبة هذه الحالة من الفزع التبريري التي سيطرت علي خطاب عمرو موسي وحزبه ' المؤتمر ' بعد تسرب انباء اللقاء , وكانه ضُبِط في وكر للتطبيع مع جنرالات صهاينة , اذ وصل الامر بخطاب التبرير المرتعش حد استخدام مفردات من عينة الخديعة و التغرير , وكان الجلوس في حوار يحاول كبح الاندفاع المجنون في اتجاه صدام دموي تتصاعد فرص اندلاعه كلما اقتربنا من نهاية يونيو جريمة او سوءة يخفيها مرتكبها في غلاف من الكلام المرتبك المرتعد.

واحسب ان كل من يستطيع درء نذر الخطر القادم علي الجميع ويقف ساكنا سيكون مجرما في حق هذا الوطن , وسيكون مشاركا بقدر في صناعة ماساة حضارية اذا سالت دماء لا قدر الله في هذا اليوم الموعود.

ومن الواضح ان كل الاطراف تبدو مستسلمة لحمي الشحن السياسي و المجتمعي , و الطائفي علي نحو ما وهذا هو الآخطر في سيناريو ٣٠ يونيو الجاري , دون ان يسعي نفر من عقلاء هذا الوطن لمحاولة تهدئة رغبات الانتحار الجماعي التي تتفاقم يوما بعد يوم في ظل هذا الحقن الاعلامي لفرص التصادم بكل انواع الملوثات الفكرية و السياسية.

والمقصود بهذه الحملة الشعواء علي ايمن نور , وكل من يفكر في تفادي اصطدام وشيك بين قطارين يندفعان في اتجاهين متقابلين بكل سرعة , هو قطع الطريق علي اية محاولة مخلصة تعفي المصريين من ' داحس وغبراء ' علي الطريقة اللبنانية في السبعينيات و الثمانينيات , و الجزائرية في التسعينيات , تاتي علي الاخضر و اليابس وتلقي بالمصريين خارج نطاق التاريخ و الحياة المستقرة لسنوات وربما عقود.

والمثير للدهشة ان الذين جلسوا مع مرشح الثورة المضادة اثناء جولة الاعادة وابرموا اتفاقات شملت محاصصات في مناصب الوزراء و المحافظين مقابل دعمه ضد محمد مرسي , ثم هرولوا اليه في مهربه الفاخر وفضحهم مؤخرا , هم الاعلي صوتا في استنكار عشاء موسي و الشاطر.

ان الوجوه التي تسللت الي مطبخ الجنرال الفار الانتخابي , كبارا وصغارا , يتصدرون منصات الحشد لحريق ٣٠ يونيو الآن , ومن هؤلاء الصغار من هرول الي دعوة علي السحور في منزل شفيق في اول رمضان بعد الثورة اشاهدهم الآن يمسكون بميكرفونات ثورية ويخطبون في البشر ويعطون دروسا في نصاعة النضال ونقائه.

ومن العبث في وسط كل هذه المشاهد الزائفة ان يعتبر اصدقاء الجنرال وصفقاؤه انهم يقودون لواء استكمال الثورة!

ليست هناك تعليقات :