كيف من الممكن أن تدور المواجهة العسكرية المستقبلية بين مصر و إسرائيل , في حال تدهور العلاقات بين الجانبين , و تردي الوضع الأمني دراماتيكيا علي الحدود المصرية الإسرائيلية ؟ سؤال بات يطرح جديا لدي الجيش الإسرائيلي و الخبراء الأمنيين و الاستراتيجيين في إسرائيل , في انعكاس طبيعي للتغيّرات الحاصلة في مصر , و خسارة ' الذخر الاستراتيجي ' لنظام الرئيس المخلوع حسني مبارك , فمصر , بالنسبة إلي تل أبيب , برئاسة الإخوان المسلمين , مختلفة جدا عن مصر ' كامب ديفيد ' حيث الشراكة الكاملة في المصالح و التطلعات الإقليمية .
و قد حاول الباحث و الخبير في الأمن القومي و المحاضر في كلية القيادة و الأركان التابعة لوزارة الدفاع الإسرائيلية , إيهود عيلام , الإجابة عن سؤال الحرب الإسرائيلية المصرية , في ضوء المتغيرات في مصر , مشيرا في مقالة نشرتها دورية ' إسرائيل ديفنس ' العبرية في عددها الأخير , إلي أن أسباب المواجهة قائمة بالفعل .
و أكد أن ' الثورة و تنامي القوة للإخوان المسلمين في مصر , يمكن أن يؤديا إلي احتكاكات بين الجانبين ' , كذلك هناك أسباب إضافية واقعية , من بينها ' نزع السلاح من سيناء , و نزع السلاح من حركة حماس ' في قطاع غزة ' , التي تتماهي مع الإخوان في مصر , و هي أسباب , ضمن ظروف خاصة , قد تؤدي إلي اندلاع مواجهة بين الجانبين ' .
و اشار الباحث إلي أن ' وجود تغيير كبير في القدرات العسكرية المصرية و الإسرائيلية علي حد سواء , إذ إن سلاح الجو المصري بات أقوي مما كان في السابق , و لديه أكثر من مئتي طائرة حربية من نوع اف 16 , و مع ذلك , يؤكد الباحث أن دور القوة الجوية الإسرائيلية سيكون بارزا , و تحديدا في توفير المساعدة للقوات البرية و البحرية لإسرائيل ' , إلا أنه أضاف أنّ ' من المحتمل أيضا , أن يكون الجيش الإسرائيلي مشغولا في جبهات أخري , كإيران و حزب الله , و كذلك مع حماس و سوريا , ما يعني إرباكا و عدم تركيز القوة الجوية قبالة مصر ' .
و في ضوء ذلك , يضيف الباحث أنه يحتمل في المرحلة الأولي من الحرب المصرية الإسرائيلية , ألا يتمتع أي طرف بسيطرة جوية كاملة , و أيضا , يمكن الدفاع الجوي المصري , التشويش علي هجمات القوات الجوية الإسرائيلية , ما يعني أنه لا يمكن الحسم في سيناء من طريق الهجمات الجوية فقط , و بالتالي يتحتم علي إسرائيل إدخال قوات برية إلي شبه الجزيرة , و هي مواجهة ستتضمن عناصر لم يختبرها الجيش الإسرائيلي منذ عام 1982 , أي معارك ضد المدرعات , و التعرض لهجمات جوية معادية , و قد أكد الباحث أن سلاح البحرية الإسرائيلية , للمرة الأولي منذ عام 1973 , يمكن أن يخوض معارك ضد الأسطول المصري في البحر الأحمر , و خصوصا في البحر الأبيض المتوسط , كذلك إن المناطق المفتوحة في سيناء , تتيح المجال لمناورة واسعة بريا , و مع ذلك إن تحريك فرقة أو فرقة معززة في الليل , قد يتخللها تصادم مع العدو , و هو تحد غير سهل لإسرائيل , من ناحية القيادة و السيطرة و الاستخبارات .
و أشار الباحث إلي تشابه الأنظمة و الوسائل القتالية بين مصر و إسرائيل , و هو تحدٍّ إضافي للجيش الإسرائيلي , إذ إن جيشي البلدين يستخدمان الآلاف من الأنظمة العسكرية الأميركية المتشابهة , مثل ' الأف 16 ' و ' الأم 113 ' , و هو عامل إضافي قياسا بالمواجهات العسكرية السابقة , و من شأنه أن يؤدي إلي ' نيران صديقة ' و خسائر إسرائيلية غير مقصودة .
و يري الباحث أنه بات من السهل , نسبيا , أن يخترق الجيش الإسرائيلي عمق سيناء , في ظل غياب المنشآت المحصنة للجيش المصري , التي كان بإمكانها أن تشكّل عقبات أمام التقدم البري , لكنه في المقابل شدد علي أن ' الجيش المصري , خلافا لعام 1973 , لن يضطر إلي التغلب علي عائق اجتياز القناة , لكن إذا فاجأت مصر إسرائيل بحركة سريعة في بداية المواجهة , فإن علي الجيش الإسرائيلي أن يكون مستعدا لشن هجوم مضاد لتأخير الحركة المصرية المتقدمة , لإعطاء الوقت لتجنيد الاحتياط في إسرائيل ' .
و يخلص الباحث إلي أن لدي مصر و إسرائيل أسبابا كثيرة لعدم الإقدام علي تحدي إحداهما للأخري عسكريا , إلا أن المواجهة قد تحصل خلافا لرغبتهما , و بالتالي علي الجيش الإسرائيلي أن يكون مستعدا لمواجهة تقليدية محتملة مع مصر , و عدم الاكتفاء بالاستعداد القتالي لجبهات أخري , و علي رأسها جبهة حزب الله اللبناني .
ليست هناك تعليقات :
إرسال تعليق