' الرئيس ' العريفي نجح في تحقيق شعبية طاغية في زمن قياسي


جمال سلطان ... لو ان المملكة العربية السعودية خصصت عدة وزارات ومعها جيش من الخبراء و الدبلوماسيين و الاعلاميين من اجل الوصول الي قلوب وعقول ملايين المصريين بسرعة لما نجحت بعشر ما فعله الشيخ محمد العريفي خلال اسبوع واحد , هناك في مصر الآن ظاهرة تسمي ' ظاهرة العريفي ' , فمنذ خطبته الرائعة التي قدمها في صلاة الجمعة بمسجد في الرياض حتي تناقلتها وسائل الاعلام ومواقع الانترنت علي نطاق هائل , وقد دخل العريفي قلوب ملايين المصريين بسرعة الضوء , وقد نشرت العديد من الصحف الخطبة , كما بثتها عشرات القنوات الفضائية المصرية واعادت بثها مرارا , و الغريب ان العريفي اجتمع عليه قنوات الاسلاميين وقنوات المعارضة علي حد سواء , كما تلقي عشرات الدعوات من مؤسسات رسمية واحزاب سياسية ومنظمات مدنية ووزارات وشيخ الازهر الذي احتفي به كثيرا , ثم خطب العريفي خطبة الجمعة في مسجد ' الفاتح ' عمرو بن العاص , الذي قاد كتائب الخير و الرحمة ودين الحق لفتح مصر لتصبح بعد ذلك احدي اهم قلاع الاسلام وحصنه المنيع , وقد حضر في خطبة العريفي ما تجاوز المليون مصلٍ حسب احصائيات متطابقة احتشدوا منذ التاسعة صباحا , فاضاف الي مليونيات الثورة المصرية الشهيرة مليونية جديدة , هي ' مليونية العريفي ' , و القبول الواسع الذي حظي به الداعية المتميز ليس فقط لمعرفته بعاطفة المصريين وكيف يقترب منها وكيف ياسر قلوب ابناء مصر وعقولهم ومشاعرهم , وانما ايضا الذكاء الدعوي الذي جعله يبتعد عن مواطن الخلاف السياسي او الفكري او الطائفي , وتركيزه علي ' المجمع عليه ' بين اهل مصر , كان حذرا ويقظا في خطابه بصورة مدهشة , وهذا ما ساعد علي اجتماع القلوب عليه من كل التيارات و القوي السياسية , باستثناء قلة قليلة من المرتبطين باللوبي الايراني في القاهرة لان الحضور الطاغي للعريفي في القاهرة حرق لهم ' مراكب ' عديدة كانوا يعملون علي تجهيزها لسنوات , العريفي تحدث عن ' وهج ' مصر التاريخي الذي يجعل الشخص يدخلها بحال ويخرج منها بحال آخر , فما دخلها عالم ولا داعية ولا شاعر ولا اديب ولا اعلامي الا وتحول الي نجم , وكان العريفي امينا في ذلك مع نفسه هو , لان العريفي قبل الرحلة المصرية ليس هو العريفي بعدها بكل تاكيد , لقد اعاد اكتشاف نفسه , كما اعادت الحالة الاسلامية اكتشافه من جديد.


ظاهرة العريفي نجحت في تصحيح صورة اهل الخليج عند المصريين بشكل رائع , كما جعل المصريين يكتشفون ابعادا من الوسطية و الاعتدال و التجرد في الدعوة الاسلامية بالسعودية و الخليج حاول كثيرون ان يشوهوها باعادة ' تدوير ' الخطاب الايراني/ الصهيوني المتطرف عن الوهابية , واكتشف المصريون ان الخطاب الاستعلائي الذي روجه بعض المتغربين عن ' الفقه البدوي ' في الخليج كان ظالما وغير امين مع واقع دعوي هو اقرب الي التحضر و الاستنارة من كثير ممن يدعونها زورا.


الحضور الهائل للعريفي هذا الاسبوع في مصر طغي علي سخونة احداثها السياسية وشغل الناس عن جدل الانتخابات و مليونية ذكري ثورة يناير و وصل الحال ببعض المصريين الي المطالبة بمنحه الجنسية المصرية فورا , و تباري بعضهم في التنكيت عن خوف رئيس الجمهورية في هذه الحالة ان ينافسه العريفي في الانتخابات الرئاسية القادمة لان فرصته ستكون كبيرة وسط هذه الشعبية الطاغية , غير ان آخرين طمانوهم بان الدستور المصري يمنع العريفي من منصب رئيس الجمهورية لاشتراطه الجنسية المصرية للابوين !!

ليست هناك تعليقات :