اعتراف صادم بقانون لقيط يضيف الخوف و الفزع الى الجوع و المرض


محمود سلطان ... كنت ضيفا يوم امس الاول علي قناة ' ازهري ' لمناقشة مشروع قانون ' تنظيم التظاهر ' -- وقبيل الظهور علي الهواء اطلعت علي نسخة مسربة منه -- وتوقعت بعد اطلاعي عليه ان يكون هذا المشروع ' لقيطا ' لا اصل له -- ولعل ما حملني علي ذلك ثقافة التصيد التي تضع الرئيس وحزبه , تحت الرقابة الاعلامية اليومية و التي بلغت حد اختلاق الاخبار و الاكاذيب حتي انهم زوجوا الرئيس من حسناء لبنانية تسمي ' هيفاء ' -- ولاحظ هنا اختيار الاسم جيدا لاستحضار نجمة الاغراء اللبنانية الشهيرة هيفاء وهبي!!


فضلا عن الصياغة الركيكة و اللغة و المفردات المستخدمة التي لا تعكس اية حرفية قانونية , ولعل ما يطلع عليه يتوقع علي الفور بانه نص مفبرك -- او ورقة لتدريب الهواة وطلبة كليات الحقوق علي صياغة المواد التشريعية.


زد الي ذلك التوقيت -- اذ كان من المستحيل ان تتورط اية جهة محبة للرئيس , ورصينة وعلي وعي كامل بدقة اللحظة التاريخية وحساسيتها , في توليع البلد مجددا باقتراح قانون يقيد الحريات حتي لو كان صادرا بحسن نية.


كل ذلك حملني علي الاعتقاد بان القانون ' لقيطا ' لا اصل له -- وربما اختلق من جهات معادية للشرعية المنتخبة -- علي ذات السنة التي اتبعت اثناء الاستفتاء علي الدستور , حين تم اغراق البلد بنسخ مزورة من مشروع الدستور عشية الاستفتاء عليه.


غير ان مداخلة من الدكتور عز الدين الكومي , وكيل لجنة حقوق الانسان بمجلس الشوري وهو عضو بحزب الحرية و العدالة قال ان القانون ليس لقيطا وانه هو نفسه صاحب الاقتراح وتقدم به الي لجنة حقوق الانسان لمناقشته قبل طرحه علي الشوري لتمريره!


والحال اني صدمت بهذا الاعتراف -- ولئن كنت متاكدا من حسن نية الدكتور عز , وانه ربما يكون مدفوعا من تجربة الاضطرابات السياسية التي شهدتها البلاد خلال العامين الماضيين -- ويريد ان يحتذي وكما قال بالدول المتقدمة التي تقنن تنظيم الاحتجاجات -- الا انه خانه التوفيق في اختيار الوقت , اذ البلد ما زال علي شفا حفرة من ' جهنم سياسي ' ينتظر اي خطا يصدر من النخبة الحاكمة الآن -- ومن حيث رغبته في تسريب هذا المشروع وعلي هذا النحو الركيك و الضعيف و المتناقض و القمعي ايضا و الذي يعيد انتاج دولة مبارك الامنية في اسوا صيغها علي الاطلاق -- اذ تضافر التوقيت الخاطئ و الصياغة التي تعطي للشرطة حقوقا بلا اسقف في قمع الحريات -- تضافرا معا لمساندة القوي المتصيدة لاي شاردة او واردة للاساءة للرئيس مرسي.


انا علي يقين بانه اجتهاد شخصي من الدكتور عز -- وان حزب ' الحرية و العدالة ' لا صلة له به , كما اكد الدكتور عصام العريان , و النائب السابق علي فتح الباب الذي استغرب ان يتقدم نائب بالشوري باقتراح بقانون وهو ليس حقه الدستوري -- وانما حق لرئيس الدولة ورئيس الحكومة و النائب في البرلمان -- فقط.


علي اية حال نامل ان تري النخبة السياسية سواء كانت ' مع ' او ' ضد ' الرئيس -- الواقع المصري بعيون وقلوب رحيمة وتهتم باحتياجات الناس اليومية -- وتقصي جانبا وترجئ اي تشريع يضيف الي الجوع و المرض -- الخوف و الفزع من سياط السلطات الامنية.

ليست هناك تعليقات :