في كل مرة يثبت الشعب المصري انه افضل كثيرا من تلك النخبة التي تتحدث زورا باسمه , وانه اكثر وعيا واكثر اخلاصا للوطن ومصالحه من هؤلاء ' الافندية ' الذين يتعجرفون عليه في الفضائيات و ' التويتر ' ويحتقرونه ويطالبون بطرده من ' جنة ' الديمقراطية ويصفونه بانه شعب جاهل وامي وفقير ومرتشي ويسهل ان تشتريه بزجاجة زيت او كيس سكر , وفي كل مرة يعاقبهم الشعب بعقاب مذل ومهين , لو كان لديهم اي احساس بالمسؤولية , في الجولة الاولي للاستفتاء تصدر سامح عاشور مشهد المزايدات و التهريج بامتياز , ومارس سلوكيات يتنزه عنها المراهقون سياسيا وفكريا , عندما خرج يوم السبت عصرا ليعلن ان نتيجة الاستفتاء هي 66 في المائة رافضون لمسودة الدستور , وان اي نتيجة اخري ستعلنها اللجنة العليا للانتخابات بعد ذلك ستكون مزورة , منتهي التهريج و الاستخفاف الذي لا يليق بشخص نقيب محامي مصر , ويقدمونه بوصفه احد قادة جبهة الانقاذ الوطني , المثير في هذا الامر ان بلد سامح عاشور هو الذي عاقبه ورد عليه , فجاءت نتيجة التصويت علي الدستور الجديد في ' ساقلته ' بسوهاج بلد سامح اربعة وعشرون الف مواطن قالوا ' موافق ' علي الدستور بينما قال ثلاثة آلاف ' غير موافق ' , هي عملية تاديب جماعي من الشعب لاحد من يتاجرون باسمه ويتحدثون زورا عن الدفاع عن مصالحه و التعبير عن ارادته .
ايضا من المفارقات الغريبة , ان البلدة التي شهدت مذبحة قطار الموت في اسيوط , و التي راح ضحيتها عشرات الاطفال الابرياء علي مزلقان الموت بسبب استهتار خفير المزلقان , صوتت لصالح الدستور , وكان الاعلام الخاص الموالي بكامله لجبهة الانقاذ وفلول النظام السابق و المعادي للدكتور محمد مرسي علي طول الخط قد اثار ضجة كبيرة واتهامات متتالية لرئيس الجمهورية بالمسؤولية عن هذه الكارثة وكان هناك الحاح علي مدار الساعة لعدة ايام لتحميل الرئيس مرسي وسياساته المسؤولية عن هذا الامر , وطالبوه باقالة رئيس الحكومة , اسوة بمطالبته هو ايام كان نائبا بالبرلمان باقالة رئيس الحكومة لحادث مشابه ايام مبارك , رغم بديهية الفارق بين الواقعتين , لانه من العبث ان تقارن رئيس حكومة لم يمض علي توليه منصبه اكثر من ثلاثة اشهر برئيس حكومة كان قد جلس علي ' قلبها ' عشر سنوات يفترض انها كانت كافية لوضع خطط اصلاح وتطوير وتامين , المهم ان المفاجاة اتت عندما انحازت تلك القرية تحديدا لسياسات الرئيس محمد مرسي ودعمت موقفه في الدستور الجديد , واتت نسبة التصويت فيها الاعلي علي الاطلاق في عموم مصر , 90 في المائة موافقون .
نحن امام شعب ذكي , وحتي المواطن الذي لا يقرا ولا يكتب , تجد عنده من الوعي و الذكاء و الالمعية و الاخلاص لهذا الوطن ما يفتقده بعض من يقدمون انفسهم كنخبة , وانا اندهش جدا من احتقار المعارضة للشعب ومعايرة الملايين بانهم اميون , رغم انه ليس ذنبهم وانما مسؤولية نظام فاسد وظالم , كما لا يقدح في وعيهم وذكائهم واختيارهم انهم لم يذهبوا لمدارس , كما ان الذين باعوا مصر في الحقيقة كانوا هم النخبة , و الذين نهبوا المليارات وهربوا قوت الشعب للخارج هم النخبة , و الذين تحالفوا مع الديكتاتور مبارك كانوا نخبة واكاديميين وخبراء واساتذة جامعات وقانونيين وخبراء دستور , و الذين غدروا بالثورة وتآمروا عليها كانوا من خريجي جامعات مصرية واجنبية , و الاعلاميون الذين تغزلوا في مبارك وامراته وعبقرية انجاله وضللوا الشعب ومارسوا القمع الفكري له ثم لبسوا ثوب الوطنية و الثورة هذه الايام كانوا نخبة , و القتلة الذين مارسوا التنكيل بالشعب طوال عشرات السنين كانوا من النخبة , و الذين ادخلهم فاروق حسني حظيرة حسني مبارك كانوا ادباء ومثقفين ونخبة , وهؤلاء الدجالون الذين يتاجرون باسم الشعب الآن ايضا من هؤلاء , فقليلا من التواضع للحقيقة و الاحترام للشعب الاصيل .
ليست هناك تعليقات :
إرسال تعليق