لم اعد انزعج من الحالة المصرية كانفلات الالسنة و استخدام البلطجة لفرض اراء او قرارات بعينها , ليس لانني اصبحت مدمنا لها او مستخفا بما يحدث بعد ما كنت مرعوبا من نتائجه , ولكن لان مصر عبرت بالفعل اصعب ازماتها السياسية في ظل ديمقراطيتها الجديدة .
ما حدث خلال الاسابيع الماضية كانت ازمة طاحنة لم نرها في تاريخنا المعاصر بعد ثورة 1952 لان الدولة ايامها كانت هي الرئيس , و الرئيس هو الدولة , وعصاه الامنية جاهزة للانقضاض.
حدث اقل منه قبل تلك الثورة في العصر الملكي الذي كان يوصف بالليبرالي , وكانت نتائجه باهظة التكلفة انتهت باستيلاء الجيش علي السلطة وخلع الملك فاروق.
توقع البعض سقوط مرسي لدرجة انهم تحدثوا عن هروبه من القصر الجمهوري الي مكان غير معلوم , وتبادل معارضوه التهاني عبر القنوات الفضائية. الحقيقة انه تعامل مع الازمة العنيفة برباطة جاش يحسد عليها وخرجت منها الديمقراطية الوليدة منتصرة واكثر نضجا , فلا الجيش تدخل كما كانت امانيهم , ولا مرسي واسرته هربوا ولاذوا بالفرار الي قطر كما حلموا.
الديمقراطية المصرية انتصرت في النهاية وحافظت علي وجودها , و الحشود الغاضبة بدات تتلاشي , و القوي المعارضة تفتت وتنازلت عن طموحاتها الكبيرة في خلعه , بل بدات تتبرا من ذلك الهدف.
انتصار الديمقراطية علي تلك الازمة هو انتصار للمعارضة السياسية قبل ان تكون انتصارا لمرسي , وهو ما ينبغي ان تدركه اذا ارادت ان تستمر وتصوب معارضتها بمعزل عن تغريدات البرادعي علي تويتر.
جميعنا نتمني لها ان تكون معارضة فاعلة داخل النظام الديمقراطي الذي ينمو ويخرج قويا من الازمة السياسية الطاحنة. نتمني لها ان تلعب في ملعب الصناديق وتتفوق بتقديم نفسها بالاسلوب المتعارف عليه في النظم السياسية الانتخابية متخلية عن التثوير و الحشد الملاييني ودعوات النزول للشوارع.
الآن ونحن علي مسافة ساعات من المرحلة الثانية للاستفتاء علي مشروع الدستور , نستطيع ان نفخر بانتصار تجربتنا الديمقراطية علي ازمتنا السياسية التي انتشر علي نطاق واسع انها ستجرنا الي حرب اهلية.
يوم السبت الماضي اثبتنا اننا شعب كبير وفاهم وعظيم بكل اطيافه -- وتلك هي حلاوة مصر , و يوم بعد غد السبت سيتواصل المشهد ان شاء الله --
ليست هناك تعليقات :
إرسال تعليق