كتب وائل قنديل ... قبل سنوات استاذننا الاستاذ هيكل في الانصراف , و الآن جاء الوقت لكي نستاذنه في الحضور , ليس كمحلل لا يشق له غبار , و انما كعقل وحيد و ضمير يقظ في محيط من الجنون و النزق و العبثية , او بمنطوق عبارته البليغة في حواره التليفزيوني امس الاول ' العدمية السياسية ' .
لقد سبق للاستاذ هيكل ان عاد ليطل علي المشهد في عز فوران ثورة ٢٥ يناير ليعلن ان اسوا ما في مصر يحاول بشراسة ان يقتل انبل ما فيها , و ها هو يطل الآن في لحظة شديدة القتامة , تحول فيها من كانوا يشكلون كتلة واحدة اسمها ' انبل ما في مصر ' الي خصمين يقتتلان و يريقان دم بعضهما .
و هنا لا ينبغي ان يكون اقصي طموحاتنا ان يصف لنا هيكل المشهد ويوصفه ويحلله , فالمطلوب من الاستاذ الآن ان يرتدي زي الاطفائي , ويبطل مفعول الالغام التي توشك ان تنفجر في وجوهنا جميعا , ذلك انه الوحيد في مصر تقريبا الذي نستطيع ان نقول انه بمناي عن الطمع في الغنائم , وبمعزل عن الحلم بالعطايا , وعليه فليس اجدر منه ليقود عملية حوار وطني بين طرفين يتناطحان فيسيلان الدماء علي الحلبة , دون ان يتوقف احد عن الرغبة الجامحة في الاجهاز علي الآخر.
ان للاستاذ صلات مع كل اطراف الصراع , وقبل ذلك وبعده هو الاقدر علي ايجاد مخرج من هذه الغمة , كونه الوحيد الذي ليس جزءا من المشكلة , ومن هنا هو المؤهل ليكون مفتاحا للحل , ومنقذا من الغرق في محيط هادر من الجنون.
ان مصر تنادي الاستاذ الآن لينزل من سماء التفكير و التحليل و التشخيص السليم للازمة الي ميدان الصراع ليدعو المتناحرين الي لقاء , ليس فقط برعايته وانما بحلوله وحضوره المباشر , من خلال مبادرة عاقلة ظهرت بعض ملامحها في حواره الاخير.
وعلي السادة الذين يضبطون ساعاتهم علي توقيت العاصمة الامريكية , و الاتحاد الاوروبي ان يدركوا انه ليس لها كاشفة الا من الداخل المصري , ويتوقفوا عن انتظار واستحضار الحل من واشنطن , فالاجدي لهم ولمصر كلها ان يترقبوا المخرج من برقاش وليس من واشنطن او اوروبا.
ان امة فيها عقل وبصيرة وضميرة بعمق وحجم الاستاذ هيكل , لا ينبغي لها ابدا ان تمد بصرها صوب المتوسط و الاطلسي بحثا عن حلول لما يتهددها من ازمات واخطار , ويبقي ان يبادر الاستاذ بان يفرد بردته ويدعو الجميع للجلوس لحوار ينتهي بان يمسك كل منهم بطرف لننتشل مصر من مستنقع يهدد بفناء ثورتها.
استاذ هيكل : نستاذنك في الحضور علي وجه السرعة فالخطر داهم و البحارة يتعاركون علي ظهر السفينة و القراصنة لا يرحمون .
ليست هناك تعليقات :
إرسال تعليق