وائل قنديل ... تحية احترام وتقدير لكل قاض قرر ان يشارك في الاشراف علي الاستفتاء الشعبي علي الدستور ' دستور مرسي و جماعته كما يقول المعارضون ' و تعظيم سلام لكل مواطن ذهب الي الصناديق ليقول لا او نعم للدستور ' دستور مصر كما يقول المؤيدون ' .
لقد تعرض القضاة لوابل من الابتزاز و الارهاب باسم الوطنية و المدنية و الثورة , بلغ حد ان البعض راح يغمز ويهمز فيما يحصلون عليه من مكافآت او بدلات للاشراف , في امتهان صارخ لمكانة القاضي ومهابة القضاء التي طنطنوا بها طويلا , دون ان ينتبهوا الي انهم بذلك يهيلون التراب علي هذه المهنة الجليلة ويطعنونها في مقتل.
والمفارقة الغريبة هنا انهم يلعقون كلامهم عن قضاء مصر الشامخ , وكان معيار شموخ القاضي ان يقف مع تيار العدالة الفلولية كتفا بكتف وزندا بزند , وهو التيار الذي حصل علي شهادة ' ايزو الثورية ' فجاة وصار رموزه يعتلون منصات النضال المهندس وراثيا.
لقد رفعوا قاضي الاتحادية الي مصاف الابطال و الثوار لانه اخلي سبيل المتهمين باعمال القتل و التخريب في الكارثة التي خلفت اكثر من عشرة شهداء و ادعي ان النائب العام الجديد مارس ضغوطا عليه -- لكن احدا منهم لم يشر من قريب او من بعيد الي ان القاضي ذاته هو من جعل رئيس محكمة قضية مبارك و العادلي المستشار احمد رفعت يبدي اسفه الشديد لان اوراق القضية التي قدمتها له النيابة لم تثبت اي ادلة تفيد بتورط قيادات الداخلية في قتل المتظاهرين , و انه لا يحكم الا بما هو موجود امامه من مستندات وادلة يفترض ان تكون النيابة قد استوفتها , و العهدة هنا علي ما كتبه الزميل جمال سلطان في موقع ' المصريون ' ١٣ ديسمبر الحالي.
كما انهم صنعوا من قاضي الازبكية بطلا لانه انتقي قضية واحدة من بين عشرات القضايا المحالة الي المحكمة من النائب العام لكي يسجل موقفا سياسيا استعراضيا لا يعترف فيه بشرعية النائب العام الجديد -- و لم يتوقف احد ليسال ماذا فعل في باقي القضايا ؟
و السؤال هنا لماذا صار القضاء الذي طالبوا بتطهيره علي مدار عامين شامخا فجاة ؟ ولماذا يستثنون من الشموخ القضاة المحترمين الذين قرروا ان يحرسوا اصوات المصريين بالمشاركة في الاشراف علي الاستفتاء؟
ويبقي انه علي السادة الذين يعتبرون ان الاستفتاء كان علي ' دستور مرسي وجماعته ' ان ينتبهوا الي انهم بذلك يعترفون بارتفاع شعبية مرسي من حيث لا يدرون , ذلك ان تصوير الاستفتاء علي هذا النحو يعني بمنطقهم ان التصويت كان علي الرئيس وشرعيته , وهذا معناه ببساطة ان شعبية مرسي ارتفعت من ٥٢ في المائة حصل عليها في انتخابات الرئاسة بمساعدة القوي الثورية الي ٥٧ في المائة بدون القوي الثورية في الاستفتاء -- وبهذا المعيار ايضا يمكن اعتبار ان قوي الاسلام السياسي تراجعت شعبيتها من ٧٤ في المائة بانتخابات البرلمان المنعدم الي ٥٧ بالمائة.
تمهلوا وفكروا قليلا قبل ان تنطلق افواهكم بكلام يصب في مصلحة خصومكم.
لقد صوت الذين قالوا نعم علي طريقة ' دستور في اليد افضل من عشرة علي شجرة المجهول ' .
ليست هناك تعليقات :
إرسال تعليق