بين مأساة المغتصبة و مهرجان الزند اكتشفنا نقص الاخلاق و لو من الهند وائل قنديل


ونحن منشغلون حتي النخاع في مهرجان الزند و القضاة , نشر خبر صغير علي استحياء عن اختطاف ثلاثة مسلحين لموظفة في منطقة القاهرة الجديدة و تناوبوا اغتصابها هم واصدقاؤهم علي مدار عشرة ايام .

و لان الامة غارقة حتي اذنيها في مولد الزند , ومختطفة لمتابعة اخبار الشهداء المزيفين في هذا الزمان لم يتوقف احد عند هذه الماساة , ولم تهتم الصحف بمتابعة الحادث , ولم يخرج علينا مسئول في الشرطة ببيان او تصريح عن هذه الفاجعة , و الاخطر من كل ذلك ان المجتمع لم يغضب ولم يهتز بمقدار واحد علي الالف من الاهتمام المصنوع بقضايا كونية مثل سب نجم في سوق الدعوة التجارية لنجمة في سوق الفن التجاري , او قضية خدش زجاج سيارة نجم سينما , او خربشة خد رئيس نادي القضاة.

وكان المجتمع اصيب بعطب في قيمه واخلاقه , او ان ضميره الجمعي تعرض لعملية ختان افقدته القابلية للانفعال و الغضب وجردته من قشعريرة الشعور بانتهاك آدمية الانسان , او ان العبث بدماغ المصريين ووجدانهم بلغ حدا لم يعودوا معه يتاثرون بنوازل اخلاقية تهدد عروشا وتنذر باقتلاع حكومات في مناطق اخري من العالم , نتهمها بالكفر و التحلل و الانحلال القيمي.

واليك ما جري في الهند خلال الايام القليلة الماضية : ستة شبان اختطفوا طالبة جامعية تدرس الفيزياء حين كانت في حافلة عامة مع زميلها , وبعد التخلص منه تناوبوا اغتصابها ببشاعة ثم اعتدوا عليها بالضرب وتخلصوا منها بين الحياة و الموت -- فماذا حدث؟

آلاف المتظاهرين وبينهم عدد كبير من الطلاب تجمعوا امام ' باب الهند ' المبني الذي يعد رمزا للمدينة مطالبين بتعزيز امن النساء ومعاقبة الذين اغتصبوا الشابة بالاعدام.

كما توجه المتظاهرون الي مبان حكومية منها القصر الرئاسي حيث حاولوا اقتحام حاجز للشرطة لمتابعة مسيرتهم ما ادي الي صدامات اسفرت عن اصابة عشرين طالبا بجروح.

واعتصمت مجموعة من المتظاهرين امام مقر سونيا غاندي زعيمة حزب المؤتمر الحاكم في الهند.

وقالت غاندي للمحتجين في تصريحات نقلتها وكالة الانباء الهندية ' انا معكم وسيتم احقاق العدل ' ثم توجهت لزيارة الفتاة المغتصبة في المستشفي -- وبدوره تعهد رئيس الحكومة الهندية بسلسلة اجراءات فورية رادعة لجعل المدينة اكثر امنا للنساء -- واجبر غضب اعضاء مجلس الشيوخ في البرلمان الهندي وزير الداخلية علي تقديم بيان للمرة الثانية.

ولم ينقل عن وكالات الانباء ان احدا تساءل بغلظة ' ايه اللي ركبها الحافلة مع زميلها ' ولم يتحدث احد عما كانت ترتديه او يفتش في نياتها , ولم يهرع المستثمرون في المصائب الي الشاشات ليطالبوا بانتخابات عاجلة لان النظام فقد شرعيته.

هذا ما يحدث في بلاد الهند و السند -- اما في بلاد الزند فقد شاهت الوجوه وانسدت المسام وتبلد الاحساس , فصار الذين مثلوا بجثة الشهيد خالد سعيد ووصفوه ب ' شهيد البانجو ' ونكلوا بشهداء الثورة في التحقيقات وعلي الفضائيات زعماء ومتحدثين باسم حقوق الانسان وكرامته.

اطلبوا الاخلاق ولو في الهند.

ليست هناك تعليقات :