الكل مخطأ و يتحمل مسؤولية الدم من الرئيس الى مراهقي المعارضات الهرمة و الفاشلة


وائل قنديل ... بعيدا عن التصنيفات و الهويات , الدم الذي سال عند الاتحادية هو دم مصر -- وبصرف النظر عن ان معظم الشهداء من المنتمين للاخوان المسلمين فان دماءهم في رقبة رئيس الجمهورية القادم من الجماعة ذاتها , قبل ان يكون في رقبة مراهقي المعارضات الهرمة و المعارضات الفاشلة و المعارضات المستقيلة من المشهد بكامل ارادتها في لحظة كان الميدان يتسول منها الحضور و العمل .


نحن امام ادارة سياسية بالغة السوء لشئون مصر , وفي الوقت ذاته امام معارضات تلوثت حتي النخاع وصارت تباهي بانها تسعي للمصالحة مع اعداء الداء لهذه الثورة , وبينهما ثوار حقيقيون ومواطنون انقياء يدفعون الثمن وحدهم دائما -- يموتون كالعشب الاخضر تحت اقدام الافيال المتصارعة.

وعلي هامش الصورة اعلام قرر ان يسقط الي القاع وينتحر مهنيا , سواء الاعلام الناطق باسم الاخوان المسلمين و الرئيس الذي لم ير في المشهد سوي مجموعة من الفلول و الخونة و الكفرة , او الاعلام الآخر الذي تخلي عن القيم المهنية وقرر ان يكون طرفا في الصراع فلم يعد يري الاخوان و المنتمين للتيار الاسلامي الا مجموعة من الخطافين القتلة الدمويين.

غير انه وفي هذه اللحظات المجللة بالسواد لابد من رد الامور الي اصولها ومنابعها : الازمة بدات من عند مجموعة من العابثين في الجمعية التاسيسية , ثم انتقلت الي القصر الرئاسي حين انهال الرئيس علي رءوس الجميع باعلان دستوري يدخله زمرة القياصرة بحجة حماية الدولة من مؤامرة في الخفاء , وقد بحت الاصوات تطالبه بالحديث الي الشعب ومصارحته ومكاشفته بما يحاك لكي تكون هناك مصداقية لما يقال , فلم يفعل , فقط خرج من قصره لمخاطبة انصاره وجماعته , ثم كانت الدعوة المباغتة للاستفتاء علي دستور انتهي العمل فيه بين عشية وضحاها , بينما كان الرئيس يدعي انه اصدر اعلانه المثير للسخط كي يوفر شهرين كاملين لانضاج دستور توافقي.

وفي المقابل كانت رموز المعارضة اليائسة ترفع شعارات اسقاط الاعلان الدستوري المستبد لكنها تضمر اهدافا ومآرب اخري , بان بوضوح فيما بعد ان المطلوب هو مقعد الرئيس ذاته , ثم وبدلا من ان يخوض الطرفان المنازلة باخلاق الفرسان قرروا الاختباء وراء الحشود , وانزال الجماهير الي ارض الملعب , لتخوض المباراة الدامية نيابة عنها -- فلا الرئيس كشف عما المح اليه من مؤامرات استدعت كل تلك الخشونة الدستورية , ولا معارضوه كانوا نبلاء لكي يصارحوا جمهورهم باهدافهم وغاياتهم الحقيقية.

لقد حذرت في هذا المكان قبل ساعات من جمعة التحرير وسبت النهضة من اننا جميعا نسلك وكاننا قررنا القفز في حريق مستعر وقلت نصا ' ليس اكثر قتامة وعتامة من اللحظات التي تمر بها مصر الآن سوي لحظة الجنون التي اودت بالعرب الي الجحيم واخرجتهم من التاريخ ليلة ٢ اغسطس ١٩٩٠ , حين انفتح الباب واسعا لكي يقتل العربي اخيه في معركة خرج الجميع منها مهزومين مقتولين ' .

واخشي ان تكون ثورة ٢٥ يناير المصرية تقف علي الباب ذاته الآن وتتاهب للقفز الي حريق مستعر , صنعه اعداء هذه الثورة ببراعة فائقة , وينساق اليه شركاؤها وكانهم يمارسون رقصة جنون جماعي او لعبة موت ' .

هذا ما قلته تحت عنوان ' موعد مع الجحيم ' وها نحن في قاعه الآن

ليست هناك تعليقات :