محمود سلطان ... اذا كانت المعارضة تري ان دعوة الرئاسة للحوار ' عبثية ' ول ' المنظرة ' -- فان ثمة قناعات بان رفض المعارضة ل ' العنف ' هو ايضا ' نفاق ' لا يعكس ما تخفيه صدورهم من ' غبطة ' لهذه الفوضي التي استباحت دماء المصريين ولم تحفظ لها حرمة , باعتبارها تدفع في اتجاه رسم صورة لرئيس يهدد الامن القومي , ما يعجل ب ' عزله ' او علي الاقل تقدير توفر ' المبرر الاخلاقي ' لدعوتهم الي اجراء انتخابات رئاسية مبكرة.
لا يمكن بحال الاعتقاد بان ' المعارضة ' قادرة علي تحريك الشارع ' الغاضب ' -- بل انها تتقافز علي اكتافه بعد كل ' مليونية ' وتستخدمه في ' ابتزاز ' السلطة -- غير انها باتت تمثل ' رمزية نسبية ' له , بعد الذكري الثانية لثورة يناير , ربما لالتقاء ' مصالح ' المعارضة مع ' مطالب ' الشعب التي لم يتحقق منها شيء بعد عامين من تنحي الرئيس السابق -- وهذا ' التقاطع ' بينهما لا يعني بان الاولي ' قائدة ' للثاني او قادرة علي فرض وصايتها عليه.
المشكلة التي ربما التفتت اليها المعارضة متاخرا , بان هذه ' الرمزية ' تحولت الي ' غطاء سياسي ' لعمليات العنف و الترويع و القتل التي استباحت الشارع المصري , ما يعني تورطها بشكل كامل في تلك الجرائم التي يصنفها القانون المصري و الدولي باعتبارها عمليات ارهابية -- ولن ينفعها ' غسل يدها ' من الدم النازف بالكلام ' اللذيذ ' عن ' سلمية ' الاحتجاجات , بالتزامن مع وضع الشروط التعجيزية لقبولها الحوار مع السلطة -- لان ذلك يبرق الرسائل الضمنية الي الشباب بان ' الكلاشينكوف ' هو ' الحل ' مع مرسي!
في ظل هذه الاجواء الكئيبة , جاء الحوار الذي تبناه شيخ الازهر د. احمد الطيب , بمثابة حبل النجاة للجميع : سلطة ومعارضة قبل ان يتورطا معا في اطفاء كل اعمدة الانارة الممتدة علي جانبي الطرق المؤدية الي نجاة البلد من ' ظلامية مبارك ' الطامع في العودة الي الحكم , عبر ' خليفته ' الهارب في الامارات.
اللقاء في الازهر -- لم يكن ' سياسيا ' وانما للاغتسال و التطهر من ' كبائر سياسية ' ارتكبت في حق البلد خلال الاسبوع الماضي , ومازالت , وتامل كل الاطراف ان ترجع الي ' وطنيتها ' كيوم خرجت الي الميدان في الخامس و العشرين من يناير عام 2011.
لم يعد امام السلطة و المعارضة الا ان يبنيا علي هذا الحوار غير المسبوق , وفي تقديري ان المسؤولية الاكبر تلقي علي مؤسسة الرئاسة , ونامل من الرئيس مرسي , ان يبادر وبنفسه بالاتصال مع كل من شارك في هذه الحوار , وبالتشاور معهم بشان الضمانات التي تكفل له توفير الحصانة الاخلاقية لكل ما سيسفر عنه من اتفاقات ضد التلاعب و الالتفاف -- واقترح ان تكون مؤسسات القوة في البلد ممثلة فيه كشهود عليه لردع ذوي النيات السيئة من الاخلال به او اجهاضه.
وليعلم الجميع ان السلامة ليست بالاستقواء ب ' الجماعة السياسية ' وانما ب ' الجماعة الوطنية ' -- ولعل تجربة الشهور السبعة المنصرمة , تقدم العبرة لكل من اغترّ واستقوي بعشيرته -- وليعلم بان هذا الاستقواء لن يغني عنه شيئا.
ليست هناك تعليقات :
إرسال تعليق