
جمال سلطان ... مع كل حادثة مؤلمة نقول اننا نتمني بان تكون ' آخر الاحزان ' و المصائب الكبيرة , ولكن من الواضح انه ليس بالآمال وحدها تتوقف الكوارث , وبالتالي لن تكون كارثة قطار البدرشين امس هي الاخيرة اذا ظل حال منظومة المواصلات في مصر علي تلك الوضعية , اعرف ان تلك الحوادث ليست مسؤولية الحكومة الحالية , وليست مسؤولية مباشرة للرئيس محمد مرسي , وانما هي حصاد سنوات من الفساد و الاهمال وغياب الشفافية في تطوير هيئة السكك الحديدية , واعرف انه من الظلم ان تحاسب وزير المواصلات علي حادثة وقعت بعد تسلمه الوزارة بشهر او عدة اسابيع , ولكني بالقدر نفسه اعرف انه ليس بالخطب العصماء نعالج آلام الناس ونخرج من المسؤولية , وليس بالغضب وحده او الحديث عن ان كل من يثبت خطؤه سوف يتم محاسبته تتوقف المصائب , من الطبيعي ان من اخطا يحاسب , سواء كان سائقا او عاملا او مهندسا او غير ذلك , ولكن محاسبة هؤلاء لن تنصف من ماتوا ومن خرجوا باعاقات تلازمهم بقية حياتهم , كما انه اذا كانت المنظومة كلها فاسدة ومهترئة فسنظل ندور في هذه الدائرة الفارغة و المحزنة و المحبطة حتي مع محاسبة المخطئين , ولكي لا يكون الناس امام المفاجآت المروعة بصفة مستمرة فان المطلوب الآن بصفة عاجلة ان تتم مصارحة الشعب بوضع السكك الحديدية ومشكلاتها , وان تعلن الحكومة عن خطتها الاستراتيجية في تصحيح هذه الاخطاء وتلافيها , وايضا خطتها لتطوير المنظومة كلها وتحديثها , وان تكون الخطة محددة الملامح و المراحل و التوقيتات , لم نعد في زمن يسمح فيه الناس للمسؤول بان يتحدث بالخطب العصماء عن ملاحقة الفساد وتطوير العمل و الاداء وتحديث المنظومة , ثم نفاجا بعد كل خطبة بعدة اشهر بكارثة اخري تعقبها خطبة جديدة , نريد ان نعرف بالضبط ما هي المشكلة , وما هي الحلول وما هي الخطة العلمية التي ستلتزم بها الحكومة لوقف هذا النزيف وحماية ارواح المواطنين التي تهدر في العبث , ووفق هذه الخطة يمكن للشعب او اجهزته الرقابية او مؤسسته التشريعية ان يحاسب الحكومة سياسيا وان يلاحق المسؤولين قضائيا ايضا اذا ثبت انهم قصروا في تنفيذ الخطة العلمية التي التزموا بها امام الناس.
خالص العزاء لتلك الاسر المكلومة بفقد فلذات اكبادها , وكلهم شباب في عمر الورد , اسال الله ان يصبرهم ويربط علي قلوبهم ويعوضهم خيرا , كما ارجو ان يكون هناك تعديل تشريعي يتيح التزام الحكومة بتعويضات مناسبة لمثل هذه الحالات المفجعة , لا يصح ان تلتزم الدولة المصرية بدفع تعويضات تصل لعدة ملايين من الجنيهات للضحايا ' الاجانب ' , بينما تدفع الدولة خمسة آلاف او عشرة آلاف لاسرة المواطن الذي يذهب ضحية اهمالها او فسادها , ان مال الدنيا لا يعوض اسرة عن فقد ابنها او بنتها , ولكن لا يعني ذلك ان تجمع عليها همين , خاصة وان كثيرا من هؤلاء يعولون الاسر او يساعدون في اعالتها , فان تدفع الدولة ربع مليون او نصف مليون جنيه تعويضا قد يكون تطبيبا للقلوب وتخفيفا للالم , اما عندما تدفع هذه المبالغ التافهة فانها تهين المواطن وتزيد من آلام اسرته.
ليست هناك تعليقات :
إرسال تعليق