الصمت أمام جريمة هتك عرض الثورة في التحرير وائل قنديل



اذن -- فقد دخل الضمير الثوري في غيبوبة , او اغفاءة , وربما يتصنع الغفلة وعدم القدرة علي الابصار , ومن ثم يصبح من الطبيعي للغاية ان يهال التراب علي وقائع الاغتصاب الجماعي في ميدان الثورة , وتواري هذه الفظائع الثري.

ان احدا لم ينتفض غضبا امام ما عرضته بالامس نقلا عن موقع ' ايلاف الالكتروني ' متضمنا تصريحات مرعبة لمديرة مركز النديم لتاهيل ضحايا العنف عن توثيق ثلاث حالات اغتصاب علي الاقل لنساء شاركن في المظاهرات العارمة التي اندلعت يومي الجمعة و السبت الماضيين , وتصريحا آخر لمصادر بالمجلس القومي للمراة عن توثيق 23 حالة اغتصاب جماعي بالتحرير خلال يومين عاصفين بالغضب و الاحتجاج.

لقد انتفض الضمير الوطني من قبل علي ايقاع خبر توقيع كشوف العذرية علي المتظاهرات ايام تولي المجلس العسكري السلطة , واشتعلت الميديا المحلية و العالمية بالصخب و الادانة و التنديد بمثل هذه الممارسات البشعة , وتسابقت المنظمات الحقوقية و النشطاء في تبني هذه القضية اعلاميا وقضائيا , وكانت جلسات نظر الدعوي تشهد حضورا وتجمهرا غفيرا من كل اطياف الثورة المصرية , في مشاهد جسدت النبل الانساني و الثوري في ابهي صوره.

اما في هذه الوقائع الاكثر كارثية و الاعمق فداحة , فالصمت يخيم علي الجميع , وكان هتك عرض 23 مصرية لم يعد يكفي لتحريك الضمير المجتمعي وبعثه من هذا السبات العميق -- وكان الشرف يكال بمكيالين , فاذا كان يمثل وقودا اضافيا لاستمرار نار الغضب مشتعلة ومتاججة فهو يستحق الدفاع عنه و الحشد من اجله واستثماره الي ابعد مدي -- اما اذا كان المساس بالشرف ذاته يشوش علي ' المد الثوري ' فهو ليس جديرا بالانتفاض و الغضب , حتي وان كانت هذه الفظائع ترتكب علي نحو وحشي يخاصم الفطرة الانسانية واترك هنا المجال لكلمات الحقوقية ماجدة عدلي المنشورة علي موقع ايلاف حيث تقول ' انها لا تستطيع تاكيد او نفي رقم 23 حالة اغتصاب , لافتة الي ان العدد كبير جدا , لكنها لا تملك احصاءات دقيقة , في ظل رفض الضحايا التعامل قانونا , اضافة الي ان الجناة مجهولون. وتقدم مستشفي السلام الدولي ببلاغ للنائب العام يفيد بوصول فتاة تبلغ من العمر 19 عاما في حالة اعياء شديدة , نتيجة تعرضها للاغتصاب الجماعي في ميدان التحرير.

وورد في محضر الشرطة ان الفتاة نقلت الي المستشفي عقب تعرضها للاغتصاب الجماعي , بواسطة سيدة , بعدما عثرت عليها في حالة اعياء تام في احد الشوارع الجانبية , مشيرا الي انها تعرضت لعنف مفرط عقب الاغتصاب. واوضح المحضر ان الفتاة تعرضت للطعن بالسكين في انحاء متفرقة من جسدها ' .

انتهت شهادة ماجدة عدلي لكن علامات الاستفهام و التعجب و الدهشة من هذا الصمت لا تنتهي , فلا خرج علينا مسئول حكومي ينفي هذه الانباء او يؤكدها , او يقول ان الجناة لن يفلتوا , ولا سمعنا صوتا لمنظمات المجتمع المدني يعلن تبني هذه الوقائع المفجعة ويطالب بتعقب الجناة , بصرف النظر عن كونهم مجرمين محترفين لهذا النوع من السلوك اللاانساني , او ان وراءهم جهات تحرضهم وتحركهم لاشاعة الفزع و الذعر في الميادين.

غير ان الصدمة الاكبر هي ذلك الصمت المخيم علي الجميع امام عملية ' هتك عرض الثورة ' علي رءوس الاشهاد -- وكان كل شيء صار مباحا باسم الثورة .

ليست هناك تعليقات :