فرق بين دموع الشعب و دموع المعارضة الوقحة حلمي الجزار



تمتلئ عيون المصريين بالدموع , وتمتلئ قلوبهم بالاحزان , وتنطلق السنتهم بالتعبير عما تكنه انفسهم. لكن هناك فارق بين دموع ودموع , او كلمات وكلمات , هناك عيون تذرف دموعا ومع كل دمعة تتساقط عبرات من الاحزان , تلك هي دموع الشعب الحزين علي ما آلت اليه الاحوال في البلاد , وهي دموع صادقة يتاثر بها كل من يراها , واصدق تلك الدموع تلك التي تتساقط من عيون الامهات الثكالي و الآباء المكلومين علي فلذات اكبادهم الذين سقطوا في المواجهات الدموية و العبثية التي لم يكن لها هدف وليس من ورائها طائل , بل كل ما حصدناه منها هو ذلك الحصاد المر الذي لونه لون الدم وخلفيته اصابع مؤامرة متقنة تم حبك خيوطها بليل دهيم , غفل فيه اهل السياسة عن متطلبات الشعب , فاخترق اهل المؤامرات نسيج الوطن واحدثوا به تلك الخروقات. وهناك دموع في عيون اهل الحكم , كثير منها دموع صادقة , لان اصحابها كانوا يتمنون شيئا لكنهم فوجئوا باشياء لم تكن في حسبانهم , وكثير من دموع اهل الحكم ايضا تعبِّر عن الاحساس بالمسئولية و الشعور بالخطر.

وكثير من اهل المعارضة في عيونهم دموع ايضا , لكنها دموع علي الامل الذي كان يراود بعضهم في السيطرة علي مقاليد الامور بعد التخلُّص من السلطة المنتخبة. انها دموع في عيون وقحة رات الامور تزداد تازما فاصر اصحابها علي الشحن وهم يعلمون ان معظم المتظاهرين شباب متحمس , ويعلمون ايضا ان للثورة المضادة اتباعا قد حزموا امرهم علي فعل كل شيء وعلي فعل اي شيء كي يعودوا الي صدارة المشهد الذي تعوّدوا عليه طوال ثلاثين عاما حتي وان اصبحت البلاد اطلالا.

ان اتباع الثورة المضادة من رموز النظام السابق هم الوحيدون الذين تمتلئ قلوبهم بالسعادة و السرور , واذا نظرت الي عيونهم وجدتها عيونا شاخصة الي كرسي الحكم ناظرة , وتخفي في حنايا ضلوعها قلوبا قاسية كالحجارة , بل هي اشد قسوة.

وهناك شباب الثورة الذين جفّت دموعهم وامتلات قلوبهم حسرة علي ثورة اطلقوا شرارتها , وتجاوب الشعب معهم , لكنهم الآن هائمون علي وجوههم , فلا الاحزاب الكبري استفادت من حماسهم ونقائهم , ولا هم استطاعوا ان ياسسوا كيانات سياسية تحمل طموحهم الي آفاق المستقبل.

ولعل عيونا اخري ترقبنا من وراء الحجب , انها عيون الشهداء الذين قدّموا حياتهم فداء للوطن كي ينعم اهله بالحرية و الكرامة. هؤلاء الشهداء لم تذرف عيونهم دموعا في الدنيا , بل تدفّقت دماؤهم لتروي هذه الارض الطيبة , وتروي ايضا قصة كفاح اوصلتهم الي عليين , حيث لا توجد دموع ولا احزان , بل هم اقصد الشهداء احياء عند ربهم يرزقون , فرحين بما آتاهم الله من فضله ويستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم , الا خوف عليهم ولا هم يحزنون. فهل لك ايها القارئ الكريم ان تختار عينا من هذه العيون تشاركها احوالها. انني مستبشر خيرا لان نور الفجر حتما سياتي :

الليل ولي لن يعود وجاء دورك يا صباح

وسفينة الاوطان عادت لا تبالي بالجراح.

ليست هناك تعليقات :