انه عبدالرحمن الجمعان , الذي سرد قصته بعد ان تمنع طويلا : ' الشكوي لله وحده , لم يساعدني احد طوال حياتي , ولم اطلب المساعدة من احد , ولما كبرت اصبحت ضعيفا وغير قادر علي العيش وحدي في هذه الظروف الصعبة ' .
و يوضح : ' حياتي مليئة بالاحزان , فقد عشت طويلا مع زوجتي الاولي ولم يكتب الله ان انجب منها , وعندها تزوجت باخري انجبت لي ولدا فرحت به ليساعدني في هذه الحياة , الا انه توفي بعد عامين ' , مؤكدا انه لم ينس حتي الآن تلك الصدمة التي تعتبر مفتاح المآسي التي تتابعت عليه.
ويضيف : ' علي رغم انكساري بسبب وفاة فلذة كبدي , الا ان اشقائي وكانوا ثلاثة علي قيد الحياة , وكانوا يساعدوني ويقفون معي , الا انني في السنوات التالية لوفاة ابني فقدتهم الواحد تلو الآخر , فيما تخلي ابناؤهم عني , ولذا وجدت نفسي بلا اقارب ' .
لم يصمد عبدالرحمن وظل منكسرا بفعل الظروف النفسية السيئة التي مر بها , وانطوي علي نفسه بعد ان تقاعد في عمله في القطاع العسكري ' الفوج ' , واضطر الي العيش في صحراء قاحلة بالقرب من قرية الشقيق ' 120 كيلومتر غرب حائل ' فلا اسرة تحتويه ولا منزل يؤويه.
ويصف الجمعان حاله ب ' الكسيفة ' , موضحا : ' احمد الله علي قضائه وقدره , كنت اتمني ان يرزقني الله ابناء يقومون علي خدمتي , ولكن الله لم يرد ' .
ويتابع : ' لا اعاني من العوز فقط , بل حتي الجوع معظم ساعات اليوم , وحالتي المادية سيئة للغاية , فلا املك ماوي وانام في الصحراء , واذا حل الشتاء انطوي في سيارتي , مع انها لا تحميني من البرد , وكثيرا ما نمت وجسمي يرتعش من البرد و الجوع , ولكنها افضل من الخارج علي كل حال ' , مبينا انه يعيش علي هذا الوضع وهذه الكيفية منذ نحو 16 عاما
ولم يتسلم عبدالرحمن راتبه التقاعدي الذي يبلغ الفي ريال , منذ اكثر من عام كامل , ' مللت من الوحدة واوجعني الجوع , فاضطررت الي شراء خمس من الابل لتونس وحشتي واشرب من حليبها , ولكن لم استطع توفير قيمتها , فسلمت بطاقتي الائتمانية الي البائع ' , لافتا الي ان اثنتين من الابل نفقتا بسبب الجوع , ' لانني لم استطع شراء علف للابل ' .
لا رفيق لعبدالرحمن سوي سيارته ' تويوتا موديل 1977 ' , فهي الماوي الوحيد وغرفة النوم الفوضوية , في القيظ يحتمي في ظلالها عن الشمس وينام داخلها عندما يشتد الشتاء.
ويؤكد المسن و الدموع تتساقط من عيونه المنكسرة : ' اعيش علي الحليب و الخبز الذي يحضره لي احيانا اهل الخير , حتي انه ليس لدي بطانية تحميني من البرد اثناء النوم حتي جلب لي شخص لا اعرفه بطانية قديمة قبل شهرين ' , مضيفا : ' في حال كنت نشيطا , فاني اجمع بعض الحطب لاشعال النار ليلا ولو لدقائق معدودة ' .
ويلفت عبدالرحمن الي انه لم يسبق ان تواصل معه اي من مسؤولي ' الشؤون الاجتماعية ' في منطقة حائل او اي جمعية خيرية , ولم يتلقَّ مساعدة مالية من اي جهة سوي مساعدات متقطعة من بعض فاعلي الخير , الذين يحضرون بعض الخبر و الاكل له وقليل من النقود.
ولا تتوقف مآسي عبدالرحمن علي وحدته وعيشته بلا ماوي في الصحراء , فالامور الصحية سيئة جدا , بل ان حياته في خطر , خصوصا وهو يعيش في العراء وفي البرد القارس الذي تنخفض درجة الحرارة فيه الي ثلاثة درجات مئوية تحت الصفر.
ويتمني الجمعان من كبار المسؤولين في هذه البلاد المباركة و القائمين علي الجمعيات الخيرية وفاعلي الخير مد يد العون له ومساعدته للتغلب علي الظروف الماسوية , مناشدا خادم الحرمين الشريفين بالتوجيه بتامين ماوي او مسكن له يؤويه في آخر عمره , كما يتمني من فاعلي الخير و الباحثين عن الاجر و المثوبة من المولي عز وجل مساعدته في ما يواجهه من كدر ومشقة في الحياة.
من جانبها حاولت ' الحياة ' الاتصال اكثر من مرة بالمدير العام للشؤون الاجتماعية في منطقة حائل سالم السبهان حول حالة المسن الجمعان , الا انه لم يرد حتي موعد النشر .
ليست هناك تعليقات :
إرسال تعليق