اذكر قبل ما يقرب من خمسة عشر عاما حينما استاجر احد رجال الاعمال المصريين بعض الصحفيين المرتزقة ورتبوا له رسائل للتهديد بالقتل هو وآخرين وتم نشرها علي نطاق واسع حيث تصدرت صفحات الصحف و المجلات فانتفضت وقتها الحكومة المصرية وخصصت حراسات له ولاصدقائه , لكنه قال لرئيس الوزراء ان ذلك لا يكفي , واذا كانت الحكومة جادة في امر حمايتها لهم فلتمنحهم حق امتلاك احدي الشركات الكبري التي كانت تملكها الدولة آنذاك , وحصل رجل الاعمال علي تلك الشركة بثمن بخس , حيث كان ثمن السهم تسعة جنيهات مصرية فقط تضاعف بعد ذلك في البورصة حتي وصل الي اربعمائة جنيه , اي تضاعف اكثر من خمس واربعين مرة خلال اشهر معدودة , فاُثري رجل الاعمال هذا بتلك الحيلة ثراء فاحشا وزادت ثروته في سنوات معدودة علي ستين مليارا بعدما كان لا يملك الا عدة ملايين , وقد دفعه الثراء الفاحش الي ان يصبح احد الذين يلعبون دورا اساسيا في السياسة المصرية بعد خريف مبارك , حيث قرر امتلاك قنوات تليفزيونية وصحف ولم يكن يخفي عداءه للاسلاميين , بل وحتي للمسلمين عموما , هذا الثراء الفاحش وهذا التاثير الكبير في السياسة المصرية كان مصدره صناعة اكذوبة , واود ان اؤكد هنا ان هذه القصة قد رواها لي بتفاصيلها بدءا من صناعة الاكذوبة و الحيلة وحتي مرحلة الثراء الفاحش احد شركائه الذين اختلفوا معه بعد ذلك . لان اللصوص حينما يختلفون يفتش كل منهم سر الآخر , و الشاهد هنا ان صناعة الاكاذيب او الحيل او الدسائس او الفتاوي كما يحدث الآن باستخدام ضعاف النفوس سواء من اصحاب الفتاوي او من الاعلاميين لتكبيرها اصبح حرفة يُصنع بها ابطال وهميون ويُدنس بها شرفاء وطنيون , واعتقد ان الفتاوي التي ظهرت في مصر ودول اخري عديدة خلال الايام القليلة الماضية مصدرها واحد وطريقة تفعيلها وتكبيرها هي طريقة قديمة لكنها تستحدث من آن لآخر , حيث يتم صناعة ابطال في مراحل الانهزام لدي بعض الاطراف , ثم يتم السعي للحصول علي مكاسب لم تتحقق بالطرق الشرعية ثم يكبر هؤلاء , لانهم عادة ما يكونون صغارا , ثم تنتشر المقالات التي تمهد لعمليات الاغتيال السياسي حيث ازدادت الاعمدة الصحفية و الكتابات التي تتحدث عن شيء بعيد عن الطبيعة المصرية علي سبيل المثال حتي تهيء الراي العام له , ثم يتم وضع الاسلاميين كلهم اصحاب الفتاوي في بوتقة واحدة انهم ارهابيون مجرمون متهمون وانهم هم الذين سيرتكبون هذه الجرائم اذا وقعت , ولا مانع من ان تقوم الجهات , التي صنعت هذه الفتاوي وروجت لها , حتي تربك المشهد وعادة ما تكون جهات استخباراتية , بارتكاب جريمة تصفية او عدة جرائم , كما حدث في تونس الاسبوع الماضي , سواء ترتكبها بشكل مباشر او عبر اختراق تقوم به لبعض التجمعات المتطرفة , ليزداد المشهد تعقيدا ثم يتحول الاسلاميون من معتدي عليهم الي متهمين يدافعون عن انفسهم امام آلة اعلامية واستخباراتية ضخمة ومنظمة.
ان القتل هو من اكبر الجرائم التي لا يعفو الله عن مرتكبها لذلك قال الله تعالي : ' مَنْ قَتَلَ نَفْسا بِغَيْرِ نَفْسٍ اَوْ فَسَادٍ فِي الْاَرْضِ فَكَاَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعا ' لذا فان استخدام هذا السلاح في الخصومة السياسية يعني افلاس الطرف الذي استخدمه وانه تحول من ممارس للسياسة الي ممارس للاجرام , اما استخدامه لتحقيق المآرب وخداع الشعوب فهو جريمة اكبر لكنها سوف تنكشف وسوف ينقلب السحر في النهاية علي السحرة.
ليست هناك تعليقات :
إرسال تعليق