فيروس حمادة الذي اصاب الثورة و تركناها دون علاج وائل قنديل



لان الثورة اصيبت بفيروس ' حمادة ' دون ان يحاول علاجها احد , فان احدا لم يغضب امام واقعة الاعتداء الاجرامي علي الزميل محمد المشتاوي , باستثناء بيان للشبكة العربية لمعلومات حقوق الانسان , تدين فيه الجريمة وتحمل الدولة المسئولية عنها .

ان المشتاوي الذي يعمل محررا بصحيفة ' المصريون ' يرقد الآن تحت العلاج بعد ان حاول مجرمون قتله عقابا علي ما يكتبه ضد جماعات العنف الثوري , فقطعوا اوردة يديه دون ان تهتز الضمائر المشغولة باستثمار واقعة ' حمادة فيديو فيلم ' علي الرغم مما يتكشف يوميا من حقائق بشان الحادثة التي باتت اقرب الي مسرحية عبثية مصنوعة ومنفذة بدقة متناهية .

و مادام الكيل باكثر من مكيال قائما في التعامل مع دعوات العنف واراقة الدماء , سيبقي الضمير الوطني مصابا بالعطب و العوج , لان نوازع الاقصاء باتت هي المسيطرة علي مسلك جميع الاطراف وفقا للقاعدة الميكافيللية الشهيرة ' الغاية تبرر الوسيلة ' .

لقد انتفض الجميع عن حق ضد اباحة ذلك الشيخ الازهري التليفزيوني لدماء رموز من جبهة الانقاذ , وهذا الانتفاض يعبر عن الموقف الاخلاقي و الانساني السليم , ذلك ان دعوة كهذه بمثابة عود ثقاب علي تلال من حطب الاحتقان و الاستقطاب في اجواء شديدة السخونة ومفعمة بكل اسباب الاشتعال .

و جيد جدا ومطلوب واجبا ان يخضع صاحب هذه الدعوة الخطيرة للتحقيق و المساءلة , غير ان الموضوعية كانت تقتضي من المنتفضين غضبا وقلقا ان يظهروا الغضب ذاته ضد دعوات مجموعات العنف الاسود التي ظهرت مؤخرا واعلنت صراحة تبنيها حمل السلاح و الاعتماد علي العنف بكل درجاته بما فيها التصفية الجسدية تحقيقا لما تعتبره حماية المتظاهرين و الثوا .

و علي هذا لا يصح ان تصمت علي خطاب العنف و القتل اذا كان محققا لاغراضك ومصالحك السياسية , بينما تصرخ ملتاعا محموما ضد العنف ذاته ان استشعرت ان نيرانه قد تنشب في ثوبك.

و من عجب ان الذين تملصوا مما وقعوا عليه في وثيقة الازهر وسحبوا التزامهم بها كوثيقة تدعو الي نبذ العنف و الابتعاد عن الحوار بالدم , ثم بشروا باستخدام العنف وشيوعه , هم الذين ينوحون الآن ويتاوهون من شبح العنف , بل ان منهم من يلح الحاحا ويصر اصرارا علي استدعاء واقعة استشهاد المعارض التونسي شكري بلعيد الي المشهد المصري , وكان شهية الاستثمار صارت عابرة للحدود لتلقط حوادث اقليمية ودولية وتوظفها.

و في وقت تتقدم فيه رغبة الانتحار علي ارادة الحياة , وفي لحظة صارت معها لغة الدم و العنف تطغي علي ما سواها من وسائل وادوات للحوار و الصراع السياسي , يصبح لزاما علي كل مصري ومصرية ان يسعي بكل السبل و الوسائل الي محاولة ايقاف الاندفاع المحموم من عديد من الاطراف الي الوصول بالصراع الي حافة هاوية مخيفة ان سقطت فيها مصر فلن تخرج منها قبل سنوات وربما عقود.

من هنا تاتي الحاجة الي تكوين جبهة مصرية تدافع عن حق المصريين في الحياة وترفع شعارا رئيسا هو : ضد الدم وضد العنف , منطلقة من ان دم المصري علي اخيه المصري حرام.

ليست هناك تعليقات :