و عكست ملاسنات لقيادات من الاسلاميين في مصر امس ' عنفا لفظيا ' غير مسبوق منذ صعود السلفيين و جماعة الاخوان المسلمين للسلطة بعد ثورة 25 يناير 2011 , و احتدمت حالة الخلاف بين حزب النور السلفي من جهة , و مؤسسة الرئاسة من جهة اخري علي خلفية قرار الرئيس مرسي , القادم من جماعة الاخوان , باقالة مستشاره علم الدين. وتصاعد الامر باعلان الدكتور بسام الزرقا مستشار الرئيس مرسي للشئون السياسية ونائب رئيس حزب النور السلفي استقالته من الهيئة الاستشارية للرئيس.
ويمكن ان تتفاقم الخلافات بين الفريقين اللذين يحوزان الاغلبية في المجلس التشريعي , خاصة بعد ان رفضت المحكمة الدستورية العليا امس قانون الانتخابات البرلمانية الذي سبق موافقة المجلس عليه , وطلبت المحكمة تعديل عدد من مواده.
وصبت قيادات حزب النور غضبها علي مؤسسة الرئاسة بشكل لافت امس في مؤتمر صحفي نظمه الحزب وتحدث فيه علم الدين الذي تمت اقالته يوم اول من امس , واشارت مصادر الرئاسة الي ان اقالة علم الدين جاءت علي خلفية تقارير رقابية اوضحت محاولاته استغلال منصبه بصفته مستشارا للرئيس. وطالبت قيادات ' النور ' الرئيس مرسي بالاعتذار للدكتور علم الدين.
واسهم في زيادة حالة التوتر بين السلفيين وجماعة الاخوان , توجيه علم الدين اتهامات للاخوان وحزب الحرية و العدالة التابع لها , بعدم القدرة علي ادارة الدولة , وهو ما قاله المستشار المقال علم الدين في رده علي اسئلة ' الشرق الاوسط ' امس , واشار الي ان لدي حزب النور توجها يقوم علي التحرك لانقاذ الدولة من الانهيار , واضاف علم الدين قائلا ان ' الاخوان يغرقون , ولا يستطيعون التعامل مع التحديات التي تواجهها الدولة , وهم ' حزب النور ' يمدون يد الانقاذ للاخوان لانقاذ الدولة , وانقاذهم ايضا في الوقت نفسه حتي يستوعبوا خطورة ما يقومون به من ممارسات تزيد من الازمة السياسية في الشارع , ولكنهم لا يتقبلون هذا الامر ' .
واوضح علم الدين انه وحزبه اقترحوا علي الاخوان , من قبل , ان يقوموا بتشكيل الحكومة كاملة ودون ان يشارك فيها احد من حزب النور , حتي يتحملوا مسؤوليتهم , وانقاذ الوضع الراهن , وانهم رفضوا ذلك المقترح.
وكشف علم الدين عن انه سبق ان اتفق مع الدكتور بسام الزرقا علي تقديم استقالتيهما من الهيئة الاستشارية للرئيس منذ اسبوعين , وذلك لعدم رضاهما عن الطريقة التي تدار بها الهيئة الاستشارية ' حيث لا نستشار في اي شيء , واذا فعلنا شيئا يتم انتقادنا ' , واوضح ان الزرقا طلب تاجيل تلك الاستقالة لحين عرضها علي المجلس الرئاسي لحزب النور واخذ قرار بشانها.
وحول ما اذا كانت مواقف حزب النور من الحوار الوطني ومبادرته بالتحاور مع قيادات جبهة الانقاذ المعارضة التي يقودها الدكتور محمد البرادعي , سببا في تفاقم الخلاف مع جماعة الاخوان وحزبها , قال الدكتور علم الدين ان مبادرتهم للحوار الوطني لاقت ترحيبا من كل الاوساط السياسية , وانه سبق ان اتفقوا مع الاخوان ونسقوا معهم في الدستور و الاستفتاء عليه -- ' ذلك ان ما يحركنا هو مصلحة الجوانب الشرعية ومصلحة البلد في الاساس , وهم ' الاخوان ' لا يستوعبون هذا الامر ' , علي حد قوله.
ورغم حالة التوتر المتزايدة في العلاقة بين ' النور ' السلفي و الاخوان , فان الدكتور مراد علي , المستشار الاعلامي لحزب الحرية و العدالة ' التابع للاخوان ' , اعتبر ان الحزب خارج هذا الخلاف , وان الطرف الاساسي فيه هي مؤسسة الرئاسة التي تدير شئون الهيئة الاستشارية , موضحا في تصريحات ل ' الشرق الاوسط ' ان ما يهم حزبه في هذا الامر هو عدم حماية الفساد ان وجد , وان لا تتم ادانة بريء.
واعتبر الدكتور مراد علي الخلاف المتزايد بين حزبي الحرية و العدالة , و النور السلفي , امرا طبيعيا وليس مستغربا , علي حد قوله , مشيرا الي انه سبق ان خاض حزب النور الانتخابات ضد حزب الحرية و العدالة , وسبق ان ساند الدكتور عبد المنعم ابو الفتوح في انتخابات الرئاسة ضد الرئيس مرسي , ولم يؤثر ذلك علي التنسيق بين الحزبين مثلا في الاستفتاء علي الدستور.
وحول التحفظات التي ابدتها قيادات حزب الحرية و العدالة بجلوس حزب النور مع قيادات جبهة الانقاذ للحوار معها , وما اذا كان ذلك سببا في الخلاف , قال مراد علي في رد مقتضب : ' لا نحكم علي نوايا احد ' . وقال بخصوص عرض حزب النور علي الحرية و العدالة تشكيل الحكومة كاملة حتي يتحملوا المسؤولية وانقاذ البلد من الانهيار : ' كيف نشكل حكومة حاليا , ثم نغيرها بعد 40 يوما بعد الانتهاء من انتخابات البرلمان ' , واضاف ان المجتمع الداخلي و الخارجي و المواطنين سينظرون الي هذا التغيير المستمر في الحكومة بان هناك حالة من الارتباك وعدم الاستقرار في الحكم ' , موضحا ان حزبه يستعد لانتخابات مجلس النواب حاليا , و ' هو ما يجب التركيز عليه في الفترة الحالية ' , علي حد قوله.
واعتبرت قيادات حزبية الخلاف السلفي _ الاخواني محاولة لكسب اصوات انتخابية في الشارع قبل معركة انتخابات البرلمان. واشار رئيس حزب الاصلاح و التنمية محمد عصمت السادات الي ان هذا الخلاف ما هو الا تكتيك انتخابي يسعي من خلاله الطرفان لكسب شعبية اكبر في الشارع قبل الانتخابات , مشيرا الي ان حزب النور يجتهد لتجاوز ازمته الداخلية التي افقدته كثيرا من شعبيته في الشارع , حيث يسعي لاظهار وجه معتدل متضامن مع القوي الثورية و المدنية , دون ان يخل بالتزامه بالشريعة الاسلامية.
وفسر الدكتور ايمن نور رئيس حزب ' غد الثورة ' الصدام بين حزب النور وجماعة الاخوان بقوله ان هذه المرحلة يزداد فيها الاستقطاب السياسي , وكثيرا ما تشهد الفترات السابقة لاي انتخابات مثل هذه التجاذبات السياسية , موضحا ان ' اللافت في الصدام هذه المرة حالة العنف اللفظي و السياسي بين الحزبين ' , واشار الدكتور نور الي ان ' هذا الامر ستكون مضاعفاته سلبية علي الحياة السياسية في الفترة القادمة ' .
ليست هناك تعليقات :
إرسال تعليق