في مساء يوم الثلاثاء الموافق الاول من فبراير 2011 القي الرئيس السابق خطابا غلب عليه الجانب العاطفي , اعلن فيه انه لم يكن ينتوي ان يرشح نفسه مرة اخري لانتخابات رئاسة الجمهورية ' والتي كان من المقرر لها شهر سبتمبر 2011 ' , وقرر ايضا انه خدم مصر لاكثر من 60 عاما وانه عاش علي ارضها وفيها يموت ويحكم التاريخ له او عليه.
وتاثر كثير من الناس , وسارع بعض مقدمي البرامج في القنوات التليفزيونية في ذرف الدموع داعين الثوار في ميدان التحرير للعودة الي بيوتهم و الانتظار لمدة سبعة اشهر فقط ' من فبراير الي سبتمبر 2011 ' حتي يحين موعد انتخابات الرئاسة وللشعب وقتها ان يختار رئيسه الجديد.
ومرت ليلة عصيبة علي الثوار في ميدان التحرير , فماذا عساهم ان يفعلوا في مواجهة هذا السيل الاعلامي , بل ان الكثيرين قد انصرفوا بالفعل من الميدان , حتي اصبح صباح اليوم التالي ' الاربعاء 2 فبراير 2011 ' ومرت ساعاته الاولي بطيئة حتي فوجئ ثوار الميدان باقتحام الخيول و الجمال وعلي ظهورها من يقودها لدهس الثوار واخلاء الميدان , ومن عجب ان الحراسة العسكرية للميدان قد سمحت للخيول و الجمال باقتحامه. وتنادي الثوار علي الفور لصد هذا العدوان , وكانت ملحمة لم تضع اوزارها حتي منتصف الليل التالي. واثناء تصدي الثوار لهذا الغزو الهمجي كان هناك قناصة قد اعتلوا اسطح العمارات المطلة علي الميدان , واخذوا في اصطياد الثوار بطلقات نارية منها ما استقر بالراس او الصدر فسقط في هذا اليوم شهداء كثيرون واصيب عدد اكبر , وانتهي اليوم علي اكبر عدد من الشهداء و المصابين منذ اندلاع ثورة 25 يناير , لكن الثوار ثبتوا في مكانهم واستمر الميدان في قبضتهم , وهرع الناس من كل الاعمار اليهم ليؤازروهم ويناصروهم , واجتمع الملايين من البشر في ميدان التحرير وغيره من ميادين مصر يوم الجمعة 4 فبراير 2011 فيما عرف بجمعة الرحيل ' او الخلاص ' .
واطلق الاعلام علي هذه الموقعة اسم ' موقعة الجمل ' التي اعتبرها كثير من المتابعين يوما فاصلا في حياة الثورة المصرية , اذ لولا ثبات الثوار في ميدان التحرير لانتهي امرهم وامر الثورة معهم. وشهد كثيرون ومنهم المهندس نجيب ساويرس و الناشط علاء عبدالفتاح ان العنصر الاهم في مواجهة غزاة الخيول و الجمال هم شباب واعضاء الاخوان المسلمين الذين ابلوا بلاء حسنا , ولانهم منظمون استطاعوا ان يساهموا بالقدر الاكبر في الحفاظ علي الميدان وثواره حتي قال البعض انه ' لولا الاخوان لتم ذبحنا في موقعة الجمل ' .
ورغم محورية هذا اليوم واهميته في مسيرة الثورة لم يكد يحس احد من المصريين بذكراه ولم يتم الاحتفال به بالطريقة الواجبة. قارن ذلك ايها القارئ الكريم باحياء ذكري محمد محمود ومجلس الوزراء رغم ان المقارنة تصب بشكل كامل في مصلحة يوم الجمل فمن المسئول يا تري عن خفوت الاهتمام بهذا اليوم الاهم في نجاح الثورة؟ هل هم الاخوان المسلمون انفسهم؟ صحيح انهم لا يميلون الي الدعاية و الاعلان عن انفسهم ويؤثرون علي ذلك الناحية العملية , لكن هذا اليوم لم يعد ملكا لهم وحدهم بل هو يوم من ايام الثورة المجيدة. ام ان المسئول عن عدم الاكتراث بهذا اليوم هم خصوم الاخوان الذين يملكون وسائل الدعاية و الاعلام ويريدون ان يبخسوا الناس اشياءهم؟
ان ذكري موقعة الجمل سوف تظل عالقة بقلوب وعقول المصريين , ثم انها موثقة صوتا وصورة فلا يستطيع احدٌ لها الغاء او اهمالا.
ليست هناك تعليقات :
إرسال تعليق