فيلم رعب اسبوعي : زيت الاعلام على نار المليونيات حلمي الجزار



حلمي الجزار ... تعود كثير من الناس و بصفة خاصة في البلاد التي يعمل اهلها طوال الاسبوع بجد و اجتهاد , ان ينتظروا اجازة نهاية الاسبوع لكي يستريحوا من العمل ثم يستعدوا للعمل الجاد مرة اخري خلال الايام التي تلي اجازة نهاية الاسبوع. وهكذا ينتج المجتمع ولا يحرم افراده في ذات الوقت من الترويح عن النفس.

وفي بلادنا , وربما لاسباب كثيرة , لا تعرف الاغلبية الساحقة من الشعب اجازة نهاية الاسبوع , لكن البعض ابناء الطبقة المتوسطة وما فوقها يحاولون الترويح عن انفسهم يوم الخميس او الجمعة اما بزيارة عائلية او تناول العشاء خارج المنزل في احد المطاعم , او احيانا للذهاب الي السينما للاستمتاع باحد الافلام ' ان كان يبعث علي الاستمتاع ' .

لكننا منذ عدة اسابيع مدعوون اما للمشاركة او لرؤية فيلم رعب اسبوعي اسمه ' المليونيات الاحتجاجية ' . وليس احد في مصر ضد التظاهر السلمي لانه حق وممارسة للحرية , لكنها تخرج عن هذا الاطار لتمتلئ بمناظر رعب حقيقية. من هذه المناظر المرعبة ان المسيرة تبدا سلمية ثم تتمركز امام احدي المنشآت الحكومية ' قصر الاتحادية _ مبني مجلس الشوري _ مبني المحافظة _ مديرية الامن _ اقسام الشرطة _ بعض مقار الاحزاب _ مباني المجالس المحلية _ مباني بعض المحاكم _ -- -- ' ثم تتعالي الهتافات منها ما هو مقبول ومنها ما هو دون ذلك , ثم يفاجا مشاهدو الفيلم امام شاشات التلفزة في البيوت بوابل من الحجارة و الطوب ينهال علي هذه المؤسسة او تلك , وفي احيان كثيرة نجد كرات اللهب ' قنابل المولوتوف ' تلقي علي المباني فتحرق نارها ما تصل اليه من مكاتب او اشجار او -- . , ويصل الرعب ذروته حينما تنطلق بعض الرصاصات او طلقات الخرطوش فتصيب في مقتل متظاهرا او رجل شرطة ' وكلاهما دم مصري غالٍ ' وقد بلغ عدد المصابين 102 من رجال الشرطة , منهم من هو مصاب بطلقات نارية او بطلقات الخرطوش , والقي القبض علي نحو 93 ممن يمارسون العنف , هذا بالاضافة الي عشرات كثيرة من المصابين ممن شاركوا في المسيرات , كل هذا كان حصيلة نهاية الاسبوع الماضي فقط , ويحجب الرؤية دخان كثيف من قنابل الغاز التي تطلقها الشرطة بغزارة ويسقط مختنقا بعض المتظاهرين , ويعاني كثير من سكان المناطق المنحوسين من آثار هذا الدخان , ومن بينهم بكل تاكيد اطفال صغار لا ذنب لهم , ومرضي ينشدون الراحة فتجبرهم الظروف علي المشاركة في فيلم الرعب الاسبوعي.

وتشارك القنوات الفضائية علي اختلاف انواعها في صب المزيد من الزيت علي نار الفتنة لتزيدها تاججا , ويضطر الملايين من المشاهدين رغم بعدهم المكاني الي المشاركة في هذا الرعب الاسبوعي , فتزداد حالات الارتفاع في ضغط الدم , وحالات الاكتئاب النفسي , وحالات الخوف من الحاضر و القلق علي المستقبل , ويتوالي عرض هذه المشاهد اسبوعيا رغم المناشدات الكثيرة للداعين و الداعمين بالهدوء و الكف عن مشاهد العنف وكذلك للمشاركين , لكن احدا منهم لا يستجيب. فهل هناك مكاسب يتم تحقيقها اسبوعيا بالشكل الذي تصبح المناشدة نوعا من العبث؟ وهل هناك من يقوم بانتاج واخراج افلام الرعب هذه حتي نتمكن من الحديث اليه؟ ام ان المخرج ' عاوز كده ' , وبالتالي يستمر العرض الاسبوعي لافلام الرعب بفشل ذريع وخسائر محققة؟

ليست هناك تعليقات :