و عندي رغبة في ان ابلغ الرئاسة تقييمي المتواضع لادائها وفقا لما قلته من مهامها.
حين جاء الرئيس مرسي الي السلطة ظننت انه قادر علي ان يحقق هذه الخماسية. الاشارات الاولي كانت ايجابية , رجل حريص علي ان يستمع للجميع وان يتفاعل مع بعض معارضيه ويشكل فريقا رئاسيا متنوعا لحد ما حتي وان كان اقل مما التزم به من وعود خلال الفترة الانتخابية. كان اول انجازاته هي اخراج العسكر من اللعبة السياسية بطريقة موفقة ' 20 من 20 ' . ولكن ما اخشاه انه يسير في اتجاه عودتهم مرة اخري بسبب سوء ادارة الملفات الاخري. و الدور الاقليمي النشط كانت مقدماته جيدة , ولكنه فجاة توقف ولم تزل العلاقة مع بعض الدول المفتاحية في المنطقة يغلب عليها الركود ' 15 من 20 ' .
اما الدستور الجامع بلا استبعاد فكان متفقا مع الوعد الرئاسي بدستور توافقي, وهو المنطقي من اي رئيس يدرك مخاطر قيادة سيارة اهلها متصارعون. وكانت امامه الفرصة سواء لو تم حل الجمعية التاسيسية, او مضي وقتها دون اتمام عملها بان يشكل لجنة من قانونيين دستوريين مستقلين لمراجعة الدستور وتقديمه للاستفتاء بعد التخلص من المواد الخلافية . اما بردها الي اصولها في دساتير مصر السابقة , او بالغائها وتركها للبرلمان. وهذا الكلام جاء في هذا العمود اكثر من مرة خلال الشهر السابق علي الاعلان الدستوري في نوفمبر 2012 , ووصل الي مؤسسة الرئاسة باكثر من طريق. كنت اقول هذا وانا علي يقين ان التوافق داخل التاسيسية كان مستحيلا حتي لو ظلت الجمعية في عملها لشهور لان الخلافات استحكمت لدرجة لا يمكن معها الاتفاق , لا سيما مع تغيير بعض المنسحبين لآرائهم عدة مرات بشان القضية الواحدة علي نحو جعل الحوار في بعض فتراته عبثيا. ولكن الرئاسة فقدت واحدة من اهم مقومات اي رئاسة وهي سمعتها بانها تفي بالعهد وتلتزم بالوعد . فلا الدستور جاء جامعا رغما عن ان الكرة كانت في ملعب الرئيس , ولا مجلس الشوري , الذي كان الوعد ان يتم تعيين 90 من المعارضة فيه لتصبح نسبة سيطرة التيار المحافظ دينيا في حدود 55 بالمائة , ولكن هذا نفسه لم يتم الالتزام به من الرئيس.
المعضلة هنا ليست في ما مضي فقط , ولكن كيف سيحكم الرئيس ان اكمل مدته؟ هناك قرارات كثيرة صعبة جدا سيحتاج معها دعما سياسيا وشعبيا كبيرا لا يمكن ان يحصل عليه الا بدعم معارضيه له , وهذا ما كان يفعله الرئيس مبارك في بداية فترة حكمه , وما انقلب عن التشاور مع معارضيه الا في السنوات العشر الاخيرة من حكمه. ولكن يبدو ان الرئيس الحالي قرر ان يبدا من حيث انتهي مبارك , وهي بداية غير موفقة بالمرة ' 5 من 20 ' .
اما جملة ' امن بلا استبداد ' فقد اصبحت هي الاخري في مهب الريح علي نحو يثير التساؤل. اين وزارة الداخلية من تطبيق النص الدستوري القائل : ' ويجب ان يبلغ كل من تقيد حريته باسباب ذلك كتابة خلال اثنتي عشرة ساعة , وان يقدم الي سلطة التحقيق خلال اربع وعشرين ساعة من وقت تقييد حريته . ولا يجري التحقيق معه الا في حضور محاميه . فان لم يكن , نُدب له محام. ولكل من تقيد حريته , ولغيره , حق التظلم امام القضاء من ذلك الاجراء و الفصل فيه خلال اسبوع , و الا وجب الافراج عنه حتما ' . هل استبدلنا السجان القديم بسجان آخر ؟ و هل نصنع ديكورا ديمقراطيا يخفي وراءه الديكتاتورية الجديدة ؟ ' 5 من 20 ' .
اما التنمية بلا فساد , فاصبحنا نعيش في فساد بلا تنمية. ' 5 من 20 ' .
و سيستمر النزيف الي ان تدرك الرئاسة ان نزع فتيل الازمة في يدها , و ان رئيس اداؤه 55 بالمائة هو اداء مخيب للآمال , و الكرة لم تزل في ملعبه .
ليست هناك تعليقات :
إرسال تعليق