و قبل ان اعرض لما قاله اذكر بان صاحب الرسالة عالم كبير من الاساتذة المعدودين المتخصصين في الفلسفة الاسلامية , والي جانب كونه رئيسا لمجمع اللغة العربية وعضوا في هيئة كبار العلماء , فهو ايضا كبير مستشاري شيخ الازهر.
وعلي المستوي الخاص فانني لا اخفي ان بيننا مودة ممتدة , وقد تعلمت من علمه وخلقه الكثير الذي اعتز به واحرص عليه.
في عتابه قال الدكتور حسن الشافعي ما يلي :
انه ما كان لي ان ' استهجن ' ما جري في ذلك اللقاء , الذي طرحت فيه علي الرئيس الايراني قائمة من الاسئلة , منها ما تعلق بالموقف من الصحابة ومن السيدة عائشة ,
ومنها ما يتعلق بنشر التشيع في مجتمعات اهل السنة , و منها ما خص اهل السنة في ايران , او موقف الدولة الايرانية من عرب منطقة الاهواز .
و اعتبر ان لفظة الاستهجان التي استخدمتها لم تكن لائقة , وان مشيخة الازهر لا ينبغي ان تخاطب بمثل هذا الاسلوب ' الجارح و الفظ ' .
انه لا ينبغي ان يستكثر علي شيخ الازهر ان يوجه الاسئلة التي وردت في اللقاء علي الضيف , بما في ذلك حقوق اهل السنة في ايران الذين استغاثوا بالازهر.
واذا كان ' السيد ' حسن نصر الله يتحدث في الموضوع نفسه واذا جاز لعلماء طهران ان يتحدثوا في المسالة السورية , فلماذا يكون ذلك الكلام حلال عليهم وحرام علينا؟
ان الازهر لا شان له بالحرام السياسي او الحلال السياسي , وهو يقف مع ما احل الله وحرم -- ' وقد اعلنا علي الاشهاد حبنا لآل البيت , حبا حقيقيا لا مذهبيا ,
كما اننا رفضنا سياسات عزل ايران وتهديدها , وايدنا تقارب الدولتين , ولكننا ذكرنا للاعلاميين ما طرحناه في اللقاء , ولم ندَّع انه كان موضع قبول من الوفد الزائر.
وهذا حقنا بل واجبنا. ولا يحق لاحد استهجانه او الاعتراض عليه.
وما لم يحترم حملة القلم مؤسسة الازهر. فقد ياتي حين علي مصر تتلفت حولها فلا تجد الملجا الامين ' .
تعليقي علي رسالة الدكتور حسن الشافعي كالتالي :
ان انتقادي لم يكن لمؤسسة الازهر ولكنه كان منصبا علي واقعة محددة حدثت في رحابه , وذلك لا ينبغي ان يحمل بحسبانه تعبيرا عن عدم احترام الازهر , والا كان الترحيب و الاشادة هما الدليل الوحيد علي توافر ذلك الاحترام.
انني لم اعترض علي مبدا توجيه الاسئلة المحرجة الي الرئيس الايراني ,
وقد ذكرت في النص المنشور ان بعضها ' ربما كان صحيحا وواجب الطرح ' ,
ولكن اعتراضي انصب علي انها وجهت الي الرجل غير المناسب فالرئيس الايراني ليس مرجعا دينيا وباسلوب غير مناسب وفي المكان غير المناسب.
وقلت انه اذا كان لابد من توجيه الملاحظات او تسجيل التحفظات فذلك مكانه في اجتماعات الطرفين وليس البث التلفزيوني علي الهواء.
وزعمت ان استعراض الموقف بهذه الطريقة لم يكن مقصودا به حل اي مشكلة بقدر انه كان تعبيرا عن موقف سياسي ينطلق من التقاطع وليس التوافق.
ان استاذنا الشافعي قال ان الكلام في الشان العام و السياسي منه مباح لحزب الله في لبنان ولعلماء طهران ولكن يراد له ان يحرم علي الازهر فيما كتبت ,
وفاتته ملاحظة ان حزب الله حزب سياسي وان علماء طهران يتحدثون باعتبارهم سلطة تحكم وتستمد شرعيتها من فكرة ولاية الفقيه. في حين ان الازهر مؤسسة دعوية ومنارة معرفية بالدرجة الاولي , واخشي ان يصرفها انغماسها في الشان السياسي عن مهمتها الاولي و الاهم.
انني لا اتردد في الاعتذار للدكتور حسن الشافعي لانه اعتبر استخدامي للفظة ' الاستهجان ' امرا غير لائق وتعبيرا عن سوء الادب ووجده ' جارحا وفظا ' .
وقد ذكرني غضبه بواقعة عمرها اكثر من ثلاثين عاما. اذ عنفني الاستاذ احمد بهاء الدين ذات مرة في احد الاعمدة التي كانت تنشرها له جريدة ' الاهرام ' .
ولم يشر الي اسمي لكنه ضاق بنقد كتبته واختلفت معه في قراءته للحالة الاسلامية.
ولانني كنت احمل له مشاعر مودة وتقدير كتلك التي احملها للدكتور الشافعي , فقد ارسلت اليه برقية من الاسكندرية وقتذاك استرضيه فيها وكانت من ست كلمات هي :
من حق المعلم ان يكون مؤدبا.
وهي ذات الكلمات التي اختم بها تعليقي علي عتاب الدكتور حسن , مهتديا في ذلك بعبارة سمعتها من القاضي و الفقيه الراحل المستشار عبدالحليم الجندي رئيس مجلس الدولة الاسبق قال فيها :
اخسر قضيتي ولا اخسر صديقي
والدكتور الشافعي ليس صديقا فحسب , ولكنه معلم ايضا. لذلك فالحق معه مهما قال .
ليست هناك تعليقات :
إرسال تعليق