هذه المبادرة التي قدمتها لم تلق الدعم فقدمت استقالتي. ورغم انه عرض علي التكليف مرة اخري , الا انني بعد التامل و الاستشارة و الاستخارة رايت صعوبة في ان اقبل مهمة لا اري فيها فرصا للنجاح الذي تمنيته. كان علي ان اعتذر وانا آسف لاني اعلم ان بلادنا تنتظر وشعبنا ينتظر حلا , واريد ان اؤكد ان رفضي التكليف مرة اخري ليس رفضا متعنتا , ولا غلقا للابواب , ولكنه رفض من اجل التاكيد علي الحق في افساح المجال لحل آخر.
انني احمل المسئولية لنفسي وللحكومة و الاحزاب الحاكمة ولكل الاطراف , ولا استثني الاحزاب التي اجتمعت بها وقلت ان مستقبل البلد بين ايدينا , ونحن مسئولون عن هذا الشعب , الذي مل وسئم مشاكلنا وعراكنا وخصوماتنا وتجاذباتنا. واقول للجمع وللاعلام بوجه خاص , ارافوا بمواطنينا وباعصابنا ولا تزيدوا الطين بله , ولا تصبوا الوقود علي النار , وليكن الجميع في مستوي المسئولية الكبيرة الملقاة علي عاتقهم بدرجات متفاوتة. ليس كثيرا ان نصبر علي الزيادات و الاضرابات وقطع الطريق , خصوصا ان اقتصاد بلادنا ضعيف وبحاجة لمن يحمله لا لمن يوهنه. ولا اعفي من المسئولية رجال الاعمال و المستثمرين المحليين الذين عليهم ان يبادروا ولا يترددوا اما جماهير الشغيلة من ابنائنا وبناتنا فهم مسئولون عن مواصلة العمل و الكد و الخروج من مسار السلبية المقيتة , لان هذا الوطن لن يتقدم ولن ينطلق نحو المستقبل الا بسواعد ابنائه وبناته. واقولها بصراحة وصدق : في هذا البلد لا يوجد مسئولون وغير مسئولين. وذلك ان الجميع مسئولون عن نجاح القدرة , ولا ينبغي لاي طرف وطنيا واخلاقيا ان يتملص من مسئوليته. لاننا في ذات السفينة , اما ان ننجو معا او نهلك جميعا.
في هذا السياق فانني اتوجه بالشكر لرجال الامن و الجيش. وهم الذين يعانون ويكابدون ويضحون من اجل الحفاظ علي امن واستقرار البلد , كما اشكر كل المخلصين وهم كثر , الذين يعملون بالليل و النهار ضاربين المثل في البناء و الكد ككل جنود الخفاء المنتشرين في الحقول و المصانع.
اخيرا فانني اعتذر لانني خيبت الآمال , واعتذر لانني قصرت , لان المنصب مسئولية و الحكم امانة امام الله وشعبنا. اعتذر لمن لحقه ظلم مني بغير قصد , اعتذر لمن راي مني تصرفا آذاه او كلاما اغضبه , اعتذر لكل ابناء هذا الوطن. وبرغم كل شيء فلابد ان نكون علي ثقة في الله وفي شعبنا , لان وطننا العظيم يستحق ان يحتل مكانته في صحائف العزة و المجد.
لا تسارع بالتفاؤل او احسان الظن , فهذه الكلمة الوداعية التي تدخلت فيها بتصرف بسيط للغاية وجهها السيد حمادي الجبالي رئيس وزراء تونس عقب اعلانه الاستقالة من منصبه , بعدما رفض قراره تشكيل حكومة كفاءات وطنية تسير شئون البلد , بديلا عن حكومة السياسيين الحالية , وهو القرار الذي قدم فيه مصلحة الوطن علي مصلحة حزب النهضة الذي يشغل منصب امينه العام , وكان اول الرافضين لموقفه , وحين اصر علي موقفه فانه خسر منصبه كرئيس للوزراء , ولكنه خرج كبيرا ومرفوع الراس.
كنت قد دعوت الدكتور هشام قنديل لان يحذو حذو الجبالي فيما كتبته يوم الخميس الماضي ' 21/2 ' , وقلت ما نصه ان الرجل اذا فعلها فانه سيخرج من الحكومة محتفظا بقامته , بدلا من ان يخرج مكسور الجناح ومستبعدا من حكومة ما بعد الانتخابات القادمة , ولانني مازلت عند رايي الذي اقترحته , فانني اهدي اليه هذا النص الجاهز لكي لا تكون له حجة في تاخير اعلان الاستقالة , وان لم يقنعه فليته يقرؤه جيدا ويستوعبه ربما تعلم منه شيئا يفيده في المستقبل.
ليست هناك تعليقات :
إرسال تعليق