ساعة الانتخابات حلمي الجزار



هل تعلم عزيزي القارئ متي دقّت هذه الساعة؟ لقد دقت حينما توجه الملايين من الناخبين الي صناديق الاستفتاء علي الدستور المصري يومي 15 و22 ديسمبر 2012 , و الذي اسفرت نتيجته عن الموافقة علي الدستور بنسبة 64 في المائة من ملايين الحاضرين.

وسبب ذلك ان المادة ' 229 ' نصّت علي ان تبدا اجراءات انتخاب اول مجلس نواب خلال 60 يوما من العمل بالدستور , و الذي نص ايضا في مادته رقم ' 225 ' , علي ان يُعمل بالدستور من تاريخ اعلان موافقة الشعب عليه في الاستفتاء. تطبيقا لمجمل هذه الامور جاءت دعوة السيد رئيس الجمهورية , معلنة بدء الاجراءات لانتخاب اول مجلس نواب بعد الدستور الجديد.

وبناء علي هذه الحقائق , فان القول بالمفاجاة امر غير ذي بال , اذ من المعلوم من السياسة بالضرورة ان مواد الدستور عندما وافق الشعب عليها تعتبر تكليفا لسلطات الدولة لتفعيلها , ومن ثم كان المتوقع من كل الاحزاب و القوي السياسية ان تكون مستعدة , وقد دقت ساعة العمل في شهر ديسمبر الماضي.

وحينما سمع المهتمون بالامر دقات الساعة وجدنا تباينا شديدا في التفاعل معها , وانقسم اهل السياسة الي اربعة اقسام. القسم الاول سارع لاعلان المقاطعة , بل ودعا غيره لان يقاطعوا , متعللا بان الاحوال و الاجواء لا تسمح باجراء الانتخابات , وهذا الفصيل معروف بمحاولاته المتكرّرة لتعطيل اي خطوة لبناء المؤسسات بناء ديمقراطيا , واذا تمت الاستجابة الي دعوته , فمعني ذلك ان تطول فترة الانتقال اكثر واكثر , وللحقيقة فانها طالت اكثر مما يجب. ويذكّرنا هذا الموقف بنفس الدعوات التي طالبت بتاجيل انتخابات مجلس الشعب الماضي بسبب الاحداث المؤسفة التي جرت في شارع محمد محمود.

والقسم الثاني من بعض الاحزاب و القوي السياسية يضع شروطا لمشاركته في الانتخابات , وبعض هذه الشروط هي اقرب الي عدم القبول مثل استقالة النائب العام , ويحار المرء كثيرا تجاه هذا الطلب , اذ ما الصلة التي تربط النائب العام بالانتخابات البرلمانية؟ ومن هذه المطالب الصعبة ايضا اشتراط اقالة الحكومة , حيث يوجد راي آخر يقول ان اقالة الحكومة في هذا التوقيت تصب في خانة زيادة الارتباك , لا تقليله.

والقسم الثالث يطالب بضمانات كي يطمئن الي نزاهة العملية الانتخابية , مثل الاشراف القضائي الكامل ومراقبة منظمات المجتمع المدني وبعض المؤسسات الخارجية ذات الصلة للعملية الانتخابية وضمان المتابعة الاعلامية اللصيقة. وكل هذه الضمانات معقولة ومقبولة , وقد تعهدت اللجنة العليا للانتخابات بالاستجابة اليها بشكل مؤكد.

اما القسم الرابع فيري ان هذه الضمانات موجودة , لكنها تحتاج الي تدعيم وتاكيد , وقد استعد هذا القسم بالفعل وبكامل قواه لخوض المنافسات علي كل مقاعد مجلس النواب.

ويبقي القول الفصل للشعب الذي يمكنه ان يشارك باقبال غير مسبوق او ان يستجيب الي دعوات المقاطعة , وقد علّمتنا التجارب ان الشعب يستجيب لمن يراه جادا ويسير مع صاحب الفكر الواضح الذي لا يتذبذب مع الاهواء.

ليست هناك تعليقات :