هناك ازمة سياسية تنعكس آثارها السلبية علي السياسة و الاقتصاد و المجتمع و الوحدة الوطنية و القومية وعلي كل شيء في مصر , وقد يدافع عنها بعضهم باعتبار ضرورة احترام التعددية. واحترام التعددية يختلف عن انقسام المجتمع بشكل حاد واستقطاب شائه وغياب العقل. نعم التعددية حقيقة كونية , ولكن المنطق الديمقراطي الذي استوردنا منه هذا النظام للحكم في بعض بلادنا , يقوم في الغالب علي تعددية حزبية لا تزيد علي خمسة احزاب في التجارب الديمقراطية المتقدمة او المستقرة. وفي بعض البلدان الديمقراطية لا تزيد التعددية السياسية عن حزبين كبيرين او ثلاثة يتبادلون السلطة وكلها تعمل لمصلحة الوطن , وتخشي ان تقع في الخطا , لانه يصب دائما في اطار التنافسية السياسية , وفي صالح الخصم السياسي وليس العدو المتربص للصراع.
الاحزاب في مصر تمثل ست تيارات سياسية علي الاكثر , هي اولا : تيار الاسلام السياسي , وثانيا : التيار الناصري , وثالثا : التيار الاشتراكي , ورابعا : التيار الشيوعي , وخامسا : التيار اللليبرالي , وسادسا : ما يسمي احزاب المركز اليمينية كانت او الشمالية. اما التعددية داخل التعددية اي داخل كل تيار , فهي انقسام للمتماثل , وقد يكون للنفس و الهوي فيها نصيب فوق مصلحة الوطن , او حب الزعامة و الشهرة.
كما ظهرت في مصر عدة احزاب سياسية اخري بعد حظر الحزب الوطني , تمثل ما يمكن ان نسميه احزاب الفلول او النظام السابق , وهناك خطورة كبيرة من نشاه هذه الاحزاب مجتمعة ومن تحالفاتها مع الآخر , فليس لها فلسفة وطنية ولا يمكن ربطها بالتيارات السياسية المعروفة كالاشتراكية مثلا او الناصرية , فضلا عن الاسلام السياسي , وانما هي ذات بعد مصلحي نفعي , قد يصل في بعض الاحيان الي النفاق السياسي مع بذور من الفساد لم تُقتلع بعد , وهو ما يؤكد ضعف شعبية هذه الاحزاب في ضوء الثورة العظيمة. ولا تعتمد هذه الاحزاب الا علي العشائرية او القبلية او الصلات العائلية او الفساد و الافساد بالانفاق المادي او الاقطاع , حيث لم ولن يكون لها رصيد شعبي حقيقي.
انشاء الاحزاب ليس غاية في حد ذاته , ولكن الحزب السياسي الحقيقي في ضوء الثورة هو الحزب الذي يصلح ان يكون في السلطة او بديلا عنها او شريكا فاعلا في الحياة السياسية. وكذلك يجب ان يكون قادرا علي تمثيل الشعب وتحقيق اهداف الثورة. و القدرة هنا تشمل القيادة بمواصفاتها و الرؤية الواضحة.
الرؤية المستقبلية شيء مهم جدا. كان التضامن ضد الاحتلال السوفيتي لبولندا , ورغم وجود الجيش الاحمر في بولندا , وقوة حلف وارسو فان التضامن بقيادة فاليسا خرج في مظاهرات 1982 , وعندما سُئل اذا كان لا يخشي من الجيش الاحمر , كانت رؤيته ان الجيش الاحمر قد تعثر في افغانستان ولن يخرج سالما منها. زادت هذه الرؤية المبكرة الي ان انتصر التضامن في بولندا , وجاء فاليسا رئيسا.
كما ان رؤية لولا دي سيلفا في البرازيل ابهرت العالم , وتركت معالم واضحة في غضون عقد من الزمان , لانه بدا العمل الجاد منذ اول يوم تولي فيه السلطة , بعيدا عن كل المزايدات و المناقصات , فكل دقيقة في حياة الشعوب الجادة لها قيمة ونتيجة.
اين هذا من رؤية ضاحي خلفان وهو يؤكد مرارا ان امن الخليج هو جزء من الامن القومي الامريكي , ولذلك لا خوف علي الخليج من ايران ولا الاخوان , واين هذا من رؤية الاحزاب السياسية حتي في بلاد الربيع العربي؟
ليست هناك تعليقات :
إرسال تعليق