كانت تلك ابرز الاصداء الرافضة للفتوي التي توالت خلال ال24 ساعة التي تلت بثها علي شاشة التليفزيون , فكيف تعامل الاعلام ورموز المعارضة معها؟
احدي الصحف تساءلت : اين مرسي؟ واكثر الصحف بدات في تصعيد الموقف مشيرة الي ان فتاوي القتل صدرت في مصر. صحيفة اخري نشرت علي صفحتها الاولي عنوانا علي ثمانية اعمدة يقول : اقتل متظاهرا تدخل الجنة متحدث باسم جبهة الانقاذ صرح قائلا : الاسلاميون كشفوا عن وجههم القبيح واضاف : اذا لم ياخذ لنا حقنا فسنقتل من يريد قتلنا كتب احد رموز الجبهة علي صفحته قائلا : عندما يفتي شيوخ بوجوب القتل باسم الدين دون ان يقبض عليهم فقل علي النظام و الدولة السلام , ثم اضاف : صمت النظام اشبه بفتوي جديدة تعطي رخصة لقتل المعارضين باسم الاسلام. صحيفة اخري خرجت بعناوين قالت فيها : في مصر الاغتيالات لا تحتاج الي فتوي الاغتيالات في مصر سبقت تونس اسلاميو مصر اغتالوا شباب المتظاهرين واسلاميو تونس قتلوا بلعيد لانه يعارضهم.
في الوقت ذاته بحثت احدي الصحف عن شخص يؤيد فتوي القتل , فعثرت علي رجل امضي 30 سنة في السجن , وبدا حياته عضوا في جماعة التكفير و الهجرة , ثم انضم الي تنظيم الجهاد , وحكم عليه بالمؤبد فيما سمي بتنظيم عام 81. وبعد ان تفرق التنظيم وانخرط اغلب اعضائه في تنظيمات اخري. بقي الرجل ' اسامة قاسم ' علي موقفه ومعه بضع عشرات من رفاق السجن , وظل وفيا لتعاليم التنظيم , وان لم يمارس اي نشاط سياسي , وبقي منعزلا في قريته بالشرقية. استنطقته الصحيفة فقال ان اولئك المعارضين يستحقون ان يطبق عليهم حد ' الحرابة ' , الذي يعد وجها آخر للقتل. وحين ظفرت الصحيفة بهذا الكلام فانها ابرزته علي صفحتها الاولي قائلا بان : الجهاد يطالب بحد الحرابة علي المعارضين , دون ان يعرف احد ماذا يمثل تنظيم الجهاد! وما وزن المفتي المذكور.
كاننا صرنا بازاء جنازة وقعوا عليها , فتصيدوها وتصدروها ثم وقفوا في مقدمة الصفوف ليمارسوا اللطم و العويل , لم يكتفوا بكل اصداء الادانة و الاستنكار التي اعلنت وتساءل بعضهم : اين مرسي؟ وكان رئيس الجمهورية مطالب بان يتصدي بنفسه للرد علي كل كلام سخيف يتردد في الساحة. لكن الاخطر من ذلك ان كلام الرجل لم يقدم بحسبانه رايا لفرد , ولكن اغلب الاصداء تحدثت عن اننا بصدد ' فتاوي ' , وكان ذلك راي اجمع عليه الاسلاميون بمختلف فقهائهم وجماعاتهم. حتي راينا احد كبار المعارضين قد تخلي عن وقاره , فانضم الي الجوقة وقال ان ' شيوخا ' افتوا بوجوب القتل , واعتبر ان صمت النظام يعد رخصة لقتل المعارضين , غير مكتف بادانة رئيس الوزراء ولا بتحقيق النائب العام مع صاحب الفتوي.
الذي لا يقل خطورة عن ذلك ان بعض الصحف زايدت علي غيرها حين ادعت ان الاغتيالات في مصر حدثت بالفعل من جانب الاسلاميين , وسبقت تونس في قتل المتظاهرين. بل وقررت في عناوين كبيرة ان الاسلاميين في مصر هم الذين اغتالوا المتظاهرين.
هذه كلها معالجات غير بريئة تحط من شان المهنة وتهدر كل قواعد المنافسة الشريفة. ذلك لانها تتلاعب بالاخبار وتوظفها في الكيد و الوقيعة وتسميم الاجواء , الامر الذي لا يحاول شيطنة الطرف الآخر فحسب , وانما لا يتردد ايضا في اشعال الحريق واثارة الفتنة في الوطن. ان هؤلاء الذين يصرون علي نسبة الفتوي الي شيوخ مصر لم يخطر علي بالهم احتمال ان يصدق بعض الشباب ان ثمة فتوي فقهية تدعو الي قتل المعارضين , فاستجابوا لها وارادوا ان يتقربوا الي الله بارتكاب تلك الجريمة. هم لم يكترثوا بذلك لان الاهم عندهم هو اطلاق القذيفة واشعال الحريق , وايهام الراي العام بانهم مستهدفون وبحاجة الي الحماية ' التي سارعت وزارة الداخلية الي توفيرها لهم ' , لكني اظن ان الراي العام ليس بهذه البلاهة , فضلا عن انني ازعم ان جماهيره اكثر اخلاصا للوطن , اولئك الذين لا يملون من اشعال الحرائق فيه كل حين.
ليست هناك تعليقات :
إرسال تعليق