هل الحل لمشاكلنا الاقتصادية يكون في الاقتراض ؟



نادر بكار ... الحكومة بوضعها الحالي تعيش في ما يطلق عليه  ' فترة ريبة '  لا تجيز لها عقد الاتفاقات طويلة المدي وعلي راسها عقود الاقتراض ,  بل يفصل في هذه المواقف واشباهها حكومة منتخبة يراقبها مجلس نواب.

والاخطر من ذلك ان اسس الادارة السليمة تستلزم ان تسبق الرؤية المتكاملة التحرك الجزئي ,  ونحن حتي اللحظة لم نر من حكومة قنديل رؤية اقتصادية محددة متكاملة تجعلنا نسلم لها بالاقتراض كاحد السياسات الجزئية اللازمة لتنفيذ تلك الرؤية ,  سواء في ذلك اكان القرض اوروبيا ام سعوديا  --  هذا فضلا عن ان يكون الاقتراض من جهة سياسية دولية بحجم صندوق النقد الدولي ,  ودع عنك حديث البعض حول تغير سياسات صندوق النقد الدولي بعد الكارثة المالية العالمية في العام ٢٠٠٨ عن ذي قبل ,  لان القاعدة التي لا يمكن ان تتغير هي ان القرض عبء علي اي دولة اما في صورة التزام مالي او في صورة تكبيل للقرار السياسي وهذه اشد خطورة ,  اضف الي ذلك ان وضعنا الحالي لا يسمح لنا بالرهان علي حسن نوايا الآخرين!

سبق ان اقترحت مرارا علي الحكومة الحالية ان بتدشين ورش عمل مجمعة لخبراء الاقتصاد المصريين في الداخل و الخارج من جميع المدارس الاقتصادية اسلامية كانت او راسمالية او يسارية ,  نجمع بها شتات الآراء القيمة التي تخرج هنا وهناك و التي يمكن ان تثمر كثيرا من الحلول المبتكرة تخرجنا من رحم التصورات النمطية الضيقة لازمات السيولة و التمويل قبل اعتماد سياسة الاقتراض حلا اوحد.

واذكر في هذا الصدد كيف شكل مهاتير محمد مجلسا قوميا يضم اكبر المستثمرين و الاقتصاديين علي مختلف انتماءاتهم ,  ابان ازمة اقتصادية طاحنة كادت ان تعصف ببلاده في وقتذاك ,  وعقد المجلس لعامين كاملين جلسات يومية تمتد لساعات حتي استطاع استنهاض ماليزيا من كبوتها ,  فلا يمكن في قرار يوثر علي مستقبل البلاد سياسيا واقتصاديا ان تنفرد به وجهة نظر واحدة ايا كانت براعة صاحبها.

صحيح ان الموافقة علي قرض البنك الدولي له مردود ايجابي علي رفع تصنيف مصر الائتماني مما يعني تعاظم الثقة عالميا في اقتصادها ومن ثمَّ جذب استثمارات اكبر ,  لكن من قال ان هذا هو السبيل الوحيد؟ هذه صورة نمطية اخري للتفكير ,  يمكن ان يكسر تقليديتها دور متميز تلعبه الدبلوماسية المصرية في الفترة القادمة تطرق به ابوابا لم تطرق من قبل وتبني علاقات خارجية استراتيجية جديدة.

مازلت مهتما بالتركيز علي الخطوط العريضة لاقتناعي انه لا يمكن لمقالة او حتي لسلسلة مقالات ان تقدم حلولا جاهزة ,  لكن لا باس بالاشارة الي بعض البدائل التي تستحق تفكيرا ودراسة واحدها هو فتح الباب لتمويل مشاريع البنية التحتية بنظام ال BOT مع شرط التنمية المستدامة sustainable development التي تضمن المحافظة علي اصول الدولة وحقوق شعبها ,  و ربَما يكون الاكتتاب الشعبي لمصريي الخارج لضخ سيولة من العملة الاجنبية حلا آخر .

ليست هناك تعليقات :