القيادة الحربية تعني ان يعرف القائد متي يقاتل , واين , وكيف , وباي الاسلحة , وان يعرف نقاط قوة ونقاط ضعف عدوه , وان يحسن اختيار الرجل المناسب للمكان المناسب , وان يحفز ويحمس جنوده , ان يحافظ علي معنوياتهم مرتفعة من اجل تحقيق النصر , والا يتاثر بانفعالات لحظية تجعله يخسر المعركة , والا يتاثر بخسارة بعض المعارك لان المهم هو ان الانتصار في الحرب , و القائد الذكي هو الذي يربح الحرب باقل تكلفة من الدماء و الدمار.
هذه الصفات يحوزها قلة من الناس , ومن ضمن ما ابتلينا به في مصر بسبب تجفيف منابع السياسة , اننا اصبحنا امة لا تملك قادة سياسيين يفكرون بطريقة استراتيجية سليمة.
عاطفيون نحن , قادتنا ينساقون خلف الجماهير , فتري كثيرا منهم تعايش مع نظام الرئيس المخلوع , لان مقاومته حينها لم تكن مطلبا جماهيريا من الاساس , و الناس كانوا يقبلون بالمعارضة الشكلية.
اليوم الشارع يطالب بالعكس , فتري موقف هؤلاء ' القادة ' مشوشا , يسكتون عن العنف بدعوي ان ذلك عمل ثوري , انهم قادة لا يملكون مقومات القيادة , ولا يستطيعون ان يعلنوا موقفا واضحا وان يتحملوا العواقب , لذلك عجزوا عن الوقوف في وجه مبارك , و الآن يعجزون عن الوقوف في وجه الجماهير , ولكي اكون دقيقا اقول ' يعجزون عن الوقوف في وجه فئة ضئيلة موتورة من الجماهير ' !
عاطفيون نحن , ننساق خلف المشاعر , و المشاعر تظهر الاشياء اكبر من حقيقتها احيانا , واصغر من حقيقتها احيانا اخري , و التصرف السليم ان ننظر للاشياء كما هي , لا كما تصورها لنا العواطف و الاهواء.
الخوف من عدونا وتضخيم قدراته يجعلنا نتصرف بشكل دفاعي مبالغ فيه.
الغضب يعمينا عن القرار الصحيح , بينما الصواب ان يصبر المرء في حالة الغضب , وان يلجم نفسه بالحكمة لكي يتخذ القرار الصحيح بعد ان يهدا.
الثقة الزائدة بالنفس خصوصا بعد تحقيق انجاز ما تجعلنا نجمح اكثر مما ينبغي , و العاطفة بالحب او الكره تعمي عن تقييم المواقف و الاشخاص بشكل عاقل.
كل ذلك يجري في الحياة السياسية الآن في مصر , وغالبية الفاعلين غير مدربين علي رؤية الصورة الكبيرة , ولا احد تقريبا يفكر بشكل ' استراتيجي ' سليم.
هل يمكن ان نري قادة علي مستوي المسئولية؟
قادة بامكانهم ان يقولوا لا باعلي الصوت , وذلك برفض اي سلطة غاشمة , وبرفض ابتزاز الشارع , وتحريض الغوغاء علي العنف , وبرفض جميع الحلول السهلة التي تعفيهم من العمل المنظم الذي يحتاج الي سنوات من البناء.
نريد قادة لا يخافون السلطة , ولا ترهبهم الجماهير , يفكرون بشكل ' استراتيجي ' سليم , وليس بطريقة رد الفعل السطحية العقيمة.
هذا النوع من القادة هو ما تحتاجه مصر , وهو يتكون الآن , و المشكلة ان البعض يجب عليه ان يتقاعد لكي يتمكن هذا الجيل من اداء واجبه وانقاذ مصر!
عاشت مصر للمصريين وبالمصريين --
ليست هناك تعليقات :
إرسال تعليق