حدث هذا ايام الانتخابات البرلمانية , وحدث ايضا عند الانتخابات الرئاسية -- انطلقت بورصة الارقام : هذا يقول : الف , فيزيدها الثاني الي الف ومائتين , ويتطوع الثالث فيرفعها الي الف وخمسمائة جنيه شهريا.
في كل مرة كنت اضرب كفا بكف , واقول : ' مصر ليست المانيا ' , حيث يتساوي الجميع في نصيب ادني من التعليم الاساسي , ولا ينشغل بالحد الادني للاجر من يحصل علي قسط اعلي من التعليم.
دعونا من الحد الاقصي مؤقتا , فلي عليه هو الآخر ملاحظة او لنقُل : اقتراح يجعله اكثر ملاءمة للواقع -- ولكن _وكما قلت_ فلنبدا من حيث يبداون -- واتعجب من الاصرار علي الحديث عن حد ادني للاجور , و الصحيح ان نتحدث عن حدود دنيا : حد ادني لمن لم يُتم التعليم الاساسي , وحد ادني لمن اتم التعليم الاساسي , وحد ثالث لمن اتم الدراسة الثانوية او ما يوازيها , ويضاف علي الاخير نسبة خمسة بالمائة عن كل عام اضافي درسه في التعليم بعد الثانوي , بحيث يبلغ تميز المهندس خمسة وعشرين بالمائة , و الطبيب خمسة وثلاثين بالمائة عمن اتم التعليم الثانوي.
فليكن الحد الادني لغير المتعلم ثمانمائة , ومن اتم التعليم الاساسي الفا , ومن اتم التعليم الثانوي الفا ومائتين , وخريج كليات العامين الفا وثلاثمائة وعشرين , و الاعوام الاربعة الفا واربعمائة واربعين , و المهندس الفا وخمسمائة , و الطبيب الفا وستمائة وعشرين جنيها , مقابل العمل مائة وسبعين ساعة شهريا في مواعيد نهارية ومواقع وظروف عمل طبيعية. هذا مع مراعاة الا تُفعّل الحدود الدنيا علي الاطلاق الا لمن تجاوزوا سن العشرين , وذلك حتي لا يكون الالزام بها قبل العشرين سببا مغريا للتوقف المبكر عن التعليم.
اتمني ان يصدر القانون معبرا عن هذا التوجه الذي يُحرّض علي التعليم , بغض النظر عن القيم المالية التي اعلم ان رجال الاقتصاد اقدر مني علي تقديرها , شريطة ان يضعوا معاملات تسمح بالتغيير صعودا وهبوطا وفقا للقيمة الشرائية للعملة , فيجب الا ننسي ان التفكير في الحدود الدنيا لم يظهر الا عندما رفعت الثورة شعارات العيش و العدالة الاجتماعية و الكرامة الانسانية , و التي بدونها يصبح هناك تهديد شديد للشعار الاهم وهو : الحرية!
هذا مع املي ان تتضاعف المبالغ التي ذكرتها علي سبيل الاسترشاد فقط , و التي لا يجوز ان تنفصل عن تفعيل حقيقي لتعليم مجاني عالي الجودة , وتامين صحي لا تُهدَر معه كرامة الانسان وهو في اضعف حالاته.
نعود للحد الاقصي الذي اُعلِن انه لن يزيد علي خمسين الف جنيه , وتسبب في حالة من الفزع و الارتباك في بعض المواقع القيادية التي تحتاج الي مؤهلات نادرة وكفاءات نخشي هجرتها الي بلدان تتخطفها , فان القانون يجب ان يفتح الباب لرفع قيمة ما يتقاضاه هؤلاء بشرط ان يُعلَن عن هذه الوظائف و المؤهلات المشترطة لتوليها , ويدخل المتنافسون عليها في اختبار دقيق يراقبه البرلمان و الجهات الرقابية المختصة.
لا مانع ان يكون لدينا خبير طاقة عالمي يتقاضي نصف مليون جنيه شهريا , ويضمن لنا الا تنقطع الكهرباء عن اصغر قرية مصرية في اَحَرّ ليالي الصيف خلال عامين من الآن.
بقي ان اؤكد علي ضرورة تجريم استغلال النساء واعطائهم اجورا اقل من الرجال مقابل قيامهن بنفس الاعمال وبنفس الكفاءة , فهذا تمييز مخالف للدستور وللقيم الانسانية التي لم يختلف عليها احد.
نريد قانونا حكيما وواقعيا وعادلا . يوفر للجميع الحد الادني للمنطق.
ليست هناك تعليقات :
إرسال تعليق