ان الحديث الدائر عن ادلة قاطعة لدي كتبة موقعة الجمل ومحمد محمود عن تورط حماس في قتل الجنود المصريين في رفح يعيد الي الاذهان ذلك الخطاب الواثق في عز ايام الثورة عن تواجد حماس افرادا وعتادا في قلب ميدان التحرير , في محاولة يائسة لشيطنة الثورة و الحيلولة دون سقوط مبارك الاستراتيجي.
فلنشعل النار اذن في قبر احمد ياسين ونلعن كل رموز النضال و الكفاح الذين سقطوا دفاعا عما بقي من ملامح كرامة عربية في مواجهة العربدة الصهيونية في ظل صمت وتواطؤ النظام الحاكم في الشقيقة الكبري.
لقد دخلت الثورة المصرية مرحلة الشعوذة السياسية و العبث الاعلامي , وانمحت الحدود بين الجد و الهزل , وصار ' القلش ' بلغة شباب هذه الايام هو اللغة الرسمية ' لاعلام قالت مصادر ' لكن اللوم هنا ينبغي ان يوجه الي جهات التحقيق ومؤسسات الدولة الرسمية التي تقف متفرجة علي هذا النوع من حفلات الكلام الماجنة -- نريد ان يخرج علينا مسئول يوقف المكلمة المنصوبة ببيان يكشف كواليس مقتل الجنود المصريين , اذ لا يعقل هنا ان تكون المعلومات متوفرة لدي صحفي هنا وهناك , بينما اجهزة المعلومات و التحقيق لا تعلم , او تعلم ولا تصارح شعبها , وتتركه نهبا للتكهنات و الاوهام و التسريبات.
وعلي ذكر ' القلش ' لا تملك الا ان تضحك وانت تتابع تغير دفة كوميديا اسقاط الرئيس من المطالبة بان تنتقل السلطة الي الجيش ممثلا في وزير الدفاع عبدالفتاح السيسي , الي الهتاف عند المنصة بنقل السلطة الي رئيس المحكمة الدستورية المستشار ماهر البحيري -- فمن جمعة السيسي الي جمعة البحيري تتركز الكاميرات علي ' عشرات المنصة ' لتنقل صورا من بؤس المشهد السياسي في مصر.
ولا يقل بؤسا عن ذلك مهرجان ' القلش ' القومي الذي انفتح بعيد كلمة الرئيس التليفزيونية المتاخرة جدا كالعادة الي اهالي بورسعيد , حيث امتد حبل ' الافيهات ' حول فقر تقنيات التصوير و الاخراج , وانصب الاهتمام كله حول اسئلة كونية من عينة : لماذا تحدث مرسي من الوضع جالسا , ولم يتكلم واقفا؟ دون ان ينظر احد الي مضمون الكلمة , ويقيمه سلبا او ايجابا , وكان التقاط النكتة واطلاقها صار هدفا ثوريا في ذاته , وفي وضع كهذا يتحول الخطاب الثوري الي سلسلة من القفشات واقتناص الضحك في زمن الجوع و الدم.
ويظل اخطر ما يهدد هذه الثورة في قيمها ومبادئها ان يندفع البعض ليدوسوا باقدامهم معاني كنا نظنها محفوظة في الذاكرة و الوجدان بمناي عن مهارشات السياسة , مثل المقاومة الفلسطينية , التي يخشي ان ياتي يوم وتصبح مساندتها ترفا او شيئا من الماضي , فيستوي العداء لحماس بالعداء للصهاينة.
وقد سبق وان دفعت الثورة السورية ثمنا مماثلا في مصر , حين هانت دماء الشعب السوري علي ' قومجية ' تبنوا خطاب بشار الاسد كيدا في محمد مرسي .
ليست هناك تعليقات :
إرسال تعليق