كثير من انصار التيار الاسلامي اتهموا ويتهمون قادة جبهة الانقاذ بانهم عملاء لامريكا و الغرب و العلمانية و الصهيونية بهدف تقويض المشروع الاسلامي الناهض ' من النهضة ' .
هؤلاء الانصار لديهم يقين لا يتزعزع في ان امريكا لن يهدا لها بال هي و الغرب واسرائيل حتي تزيح التيار الاسلامي من الحكم وتعيد انصارها ومريديها او عملاءها الي الحكم.
في المقابل , فوجئنا قبل ايام ببعض قادة المعارضة ينتقدون الولايات المتحدة بشدة , لان الناطق باسم الخارجية الامريكية طالب جبهة الانقاذ بالمشاركة في الانتخابات بعد قرارها بالمقاطعة , بل وصل الامر بالبعض الي اتهام وزير الخارجية الامريكي الجديد جون كيري الذي زار القاهرة في اليومين الماضيين بانه ' اخواني متنكر , او خلايا نائمة ' .
قرانا لهؤلاء القادة مطالبات لواشنطن بالتوقف عن التدخل في الشان الداخلي لمصر.
المفارقة في هذا الموقف , ان بعض قادة الانقاذ كان سعيدا عندما كانت اصوات امريكية تطالب الرئيس مرسي بان يحرص علي التوافق الوطني ويشارك الجميع في العملية السياسية , ولم نسمع من هؤلاء انتقادا لواشنطن باعتبارها تتدخل في الشان الداخلي لمصر.
وفي المقابل , لم نسمع صوتا من انصار التيار الاسلامي يدين التصريحات الامريكية المنتقدة للانقاذ و المتدخلة في شئوننا , هؤلاء لم يسالوا انفسهم لماذا تطابق الموقف الامريكي مع الموقف الاخواني في هذا الامر , ولماذا فرحوا بهذا الموقف من ' الشيطان الاكبر ' , ولم يروا فيه مناصرة لطرف ضد آخر؟!.
قادة المعسكرين يدركون تماما ان التدخل الامريكي في الشان الداخلي المصري يحدث منذ جولات هنري كيسنجر المكوكية بعد حرب اكتوبر 1973 مباشرة وحتي هذه اللحظة , وسوف يستمر طالما ان قرارنا الوطني مرتهن بالخارج , وعندما يتهم طرف آخر بتنفيذ الاجندة الامريكية فهو يعلم انه يمارس هجوما سياسيا قد يكون هو ايضا متورطا فيه.
اما انصار الفريقين فيتوهمون ان معسكرهم هو الاكثر شرفا و الآخر ' شيطان رجيم ' , و الماساة ان هؤلاء الانصار هنا وهناك لا يريدون ان يروا الحقيقة المرة.
هذه الحقيقة المرة تقول ان واقعنا صعب , ومشاكلنا ' متلتلة ' , وحالنا يصعب علي الكافر , وسواء كان الحاكم هو محمد مرسي الاخواني او محمد البرادعي الليبرالي او حسني مبارك ' الذي لا تصنيف له ' , فانه مضطر للتعامل مع امريكا ويصعب عليه ان يتصادم معها او يعاديها طالما ظللنا متخلفين.
لا اعرف هل عقدت الولايات المتحدة صفقة مع الاخوان ام لا , و المؤكد انها لم تفعل ذلك مع البرادعي و المعارضة , لكن المؤكد ان ما يشغلها هو مصالحها , ومن يحقق لها مصالحها فهي تؤيده.
لا يريد انصار التيار الاسلامي ان يفكروا بهدوء ان رئيسهم الاخواني مضطر للتعامل مع اسرائيل , ولم يقطع العلاقات معها حتي هذه اللحظة , ليس لانه غير وطني , ولكن لان ضرورات السياسة و الواقع تفرض عليه ذلك , ويستطيع ان يخرج من هذه الدائرة الجهنمية اذا كان لديه مشروع وطني شامل يحظي بتوافق عام من غالبية القوي السياسية.
امريكا عندما طالبت المعارضة بالمشاركة في الانتخابات فليس لانها تريد المحافظة علي حكم الاخوان , بل تخشي ان تدخل مصر نفقا سياسيا مظلما يؤثر علي كل المنطقة ما يهدد مصالح واشنطن المستقرة ويؤثر علي تدفق البترول , و الاهم قد يهدد طفلتها المدللة اسرائيل.
تلك هي مصالح واشنطن الرئيسية ومن يحققها لها فاهلا وسهلا.
احدي مشاكل مصر الرئيسية خصوصا لدي المبتدئين في السياسة هي المواقف الابيض او الاسود , في حين ان غالبية المواقف السياسية رمادية.
ليست هناك تعليقات :
إرسال تعليق