لم يمر اسبوعان حتي اعتقلت الشرطة اليكسي بتهمة قتل زوجته , وتقطيع جثتها , تمهيدا لاخفاء معالم الجريمة.
لم تكن قصة عائلة كابانوف التي شغلت الصحافة , الوحيدة التي لفتت الانظار الي اتساع ظاهرة العنف المنزلي في روسيا , وبلوغه مستويات خطرة جدا , لكنها دقت جدران صمت طويل.
مرة اخري , ومباشرة بعد الحادث , تعالت اصوات الداعين الي وضع حد للعنف المنزلي , وسنّ قانون صارم يحارب الظاهرة المستفحلة بشدة.
وروسيا التي تسجّل سقوط حوالي اربعين الف قتيل سنويا بسبب حوادث الطرق , ورقم مماثل بسبب الاخطاء الطبية , وضعف الرعاية خصوصا للمواليد الجدد , اضافة الي عشرات الالوف من المدمنين علي الكحول و المخدرات , كانت تتجنب دائما الحديث العلني عن العنف المنزلي بوصفه واحدا من ' القتلة البارزين ' في المجتمع. وظلت هذه القضية محاطة بكثير من التستر و التغييب.
لكن المعطيات التي برزت خلال ندوة مغلقة , نظّمتها اخيرا لجنة رعاية الاسرة في مجلس الدوما اثارت صدمة , وشكّلت اول محاولة جدية لكشف المستور. اذ دلّت تقارير نوقشت خلال الندوة الي ان 40 في المئة من حوادث العنف الشديد في روسيا _ وهو الوصف الذي يطلق عادة علي جرائم القتل _ تحدث داخل جدران المنزل العائلي.
الاسوا ان نحو 70 في المئة من قضايا العنف المنزلي لا تبلغ الجهات المختصة , لان ضحاياها لا يلجاون الي الشرطة عادة. فقط 3 في المئة من الملفات التي تُكشف تصل الي المحاكم.
واظهرت المناقشات ان ليست في روسيا احصاءات دقيقة ترصد ظاهرة العنف المنزلي , فالمعطيات التي قدمتها وزارة الداخلية جاءت مبهمة ومرتبكة , علي رغم انها ابرزت ارقاما مفزعة.
وهكذا فان التقرير الرسمي تحدث عن تراجع المعدلات من 46 الف حادث قتل داخل الاسرة عام 2008 , الي 30 الفا في 2010.
لكن للخبراء وجهة نظر اخري , وهم حملوا بشدة علي الجهات الرسمية لانها لا تسعي الي رصد انتهاكات فادحة ضد المراة داخل الاسرة. واعلن بعضهم ان الارقام المعلنة لا تكشف تفاصيل عن جنس الضحية في غالبية القضايا , ما يحول دون اتخاذ تدابير للحد من الظاهرة.
وتفيد دراسة اعدّتها بطلب من اللجنة البرلمانية , الباحثة الكسندرا ليسوفا بان اكثر من 14 الف امراة روسية تموت سنويا علي يد الزوج او غيره من افراد الاسرة. كما يتعرض 26 الف طفل في روسيا الي العنف المنزلي كل سنة , ويموت حوالي الفين منهم , بالاضافة الي ان الفين من القاصرين يُقدمون علي الانتحار كل سنة , تكون دوافعهم مرتبطة بالعنف في الاسرة.
كان للتفاصيل المعلنة وقع القنبلة علي الحاضرين الذين تطرقوا الي طرح فكرة سَنّ قانون يكافح العنف المنزلي. لكن الفكرة ما لبثت ان تحولت الي ملف يثير انقساما , خصوصا بعدما بدات الصحافة مناقشتها.
ويشير مؤيدو فكرة القانون الي تجارب ناجحة في بلدان اخري , لان 89 بلدا سنّت قوانين مماثلة , اسفرت عن تقلص حجم الجريمة المنزلية. اما المعارضون فاعربوا عن خشيتهم من توظيف القانون ' علي الطريقة الروسية ' . وقال عضو في البرلمان ان الحكومة تطرح حلا يستند الي ' استبدال قبضة الطاغية في المنزل بهراوة السلطة ' التي يعتبر انها ستجد غطاء قانونيا لاقتحام الابواب المغلقة في المنازل , من اجل مآرب قد لا تكون مرتبطة دائما بالعنف المنزلي.
ويلفت بعض المعارضين الي اسباب اخري لموقفهم , تستند الي الاختلافات الثقافية بين المجتمعات. فسنّ قانون خاص بحماية الاسرة من العنف , سيوظف في رايهم للمصادقة علي معاهدة دولية مثيرة للجدل. وينطلقون من ان الغموض الذي يحيط بتعريف كلمة ' الاسرة ' في بعض القوانين الاوروبية , يقوم علي حق اي جنس في ممارسة حياته واختيار شريك حياته , ما يعني ان ' الاسرة في شكلها التقليدي تختفي ولا تجد من يدافع عنها ' , كما قال نائب روسي.
ليست هناك تعليقات :
إرسال تعليق