وائل قنديل يكتب عن أسبقية الحجز و الحشد للانتحار يوم 30 يونيو


اذن فقد اختاروا الذهاب الي الجحيم فوق جسور الحشد و الكراهية , كل قرر احراق مراكبه بعد الوصول الي نقطة الصدام ناسفا اي فرصة للعودة , فتخير ما شئت من الهلاك : ان تفعلها علي الطريقة اللبنانية فتحرق وتحترق وتقتل وتنتحر وتقضي علي ما تبقي من ملامح للحياة -- او تذهب الي السيناريو الجزائري فتفتتح حصاد الارواح بدون حد اقصي.

انهم يتانقون في ثياب من اللغو المهترئ استعدادا للذهاب الي عرس الدم , يطلقون الرصاص علي كل دعوة لحوار انساني متحضر , يعفي المواطن البسيط من ان يلقي مصير الارانب التي تموت فوق العشب تحت اقدام افيال متصارعة , لا يشغلها البشر ولا العشب الاخضر , فكل ما يهمها ان تقتل خصمها وتلقي بجثته في النهر -- النهر الذي بات مهددا هو الآخر ويواجه مصيرا اكثر بؤسا.

لقد عاشت الجزائر عقدا كاملا من القتل و العنف حصد اكثر من 200 الف قتيل لاسباب لا تبتعد كثيرا عما يتجمع في الافق السياسي المصري الآن , حين تم الانقلاب علي حصيلة انتخابات 1991 التي فازت بها جبهة الانقاذ الاسلامية , فتدخل الجيش لالغاء نتائجها , وبعدها اطلت علي المشهد الجماعات الاسلامية الاكثر تشددا ودخلت البلاد اتون صراع مسلح , لم يتوقف عند ضرب الاهداف الحكومية و المدنية فقط بل امتد فيما بعد لاستهداف جبهة الانقاذ الاسلامية الاكثر اعتدالا ايضا.

ان الفارق بين الجزائر ومصر ان الجيش المصري اعلن احترامه لشرعية الانتخابات ولفظ كل الدعوات الهستيرية للانقلاب , غير ان آلة الشر لم تتوقف عن محاولات جره الي المستنقع , وحسب مثقف جزائري كبير دارت بيني وبينه دردشة سريعة فانه يري ان ' الطموح عند الطرفين هنا وهناك مختلف في تصوري , ولا ارجو تشابها عندكم , و المؤسف ان المعارضة تتصرف بحماقة لا حدود لها وتواجه اخطاء السلطة بالخطايا , وربنا معكم ' .

قلت له ان الجزائر انزلقت الي العنف حين جري الانقلاب علي نتائج الانتخابات , فقال ' لم تكن القضية رفضا لاقرار شرعية الانتخاب ولكنها كانت حماقة القيادات الاسلامية التي اعطت الفرصة لمن يريد نسف التجربة الاسلامية.

وعندما رفع التيار الاسلامي شعار ' لا ميثاق ولا دستور ' , ' قال الله وقال الرسول ' وراحوا يعلنون توجههم للقضاء علي معالم الدولة ومؤسساتها بغباء منقطع النظير انقض اللائكيون ' اصحاب نظرية ان الدين مسالة شخصية ولا دين للدولة ' علي الفرصة التي اعتبروها انقلابا علي الدستور , وهكذا تم تحرك مضاد يصر اصحابه علي انه كان لاجهاض الانقلاب المرتقب , ولا اعتقد ان الجيش المصري سيقع في هذا الفخ ' .

وفي ظل هذه الرغبة الجامحة في السباحة بمستنقعات العنف يبرز شبح المصير اللبناني البائس , خصوصا مع التصعيد الملحوظ في نبرة من كنا نفترض انهم عقلاء , برفع السقف الي اسقاط الرئيس المنتخب ونظامه , الامر الذي يوفر غطاء منطقيا وسياسيا لاصحاب الحشد المضاد --

وليس مقبولا عقلا او منطقا هنا ان تدعو لاسقاط الرئيس بكل الوسائل ثم تطالب من يختلف مع توجهك بان يلزم بيته ولا يتدخل بحجة الاسبقية في الدعوة للخروج الي الشارع حتي الاطاحة برئيس ونظام لهما مؤيدون كثر.

ليست هناك تعليقات :