عندما يتمرد الفلولي و هو يرفع صور مبارك استعدادا ل 30 يونيو وائل قنديل


يقول الخبر ان انصار المخلوع نشطوا امس في توزيع استمارات ' تمرد ' امام مقر المحاكمة -- وتقول الانباء المنتشرة منذ اسابيع ان المكون الفلولي العميق موجود بكثافة في مطبخ التحضير و الحشد ليوم 30 يونيو الجاري , وتضيف المشاهد ان رموزا ثورية ذائعة الصيت و الانتشار تجلس كتفا بكتف مع المتحرقين شوقا لاعادة جمهورية مبارك , دون ان يستشعر الثوار حرجا او خجلا مما هم فيه.


ومرة اخري يجد اهالي شهداء الثورة انفسهم في العراء , يواجهون وحدهم تحرشات اتباع المخلوع الذين يوزعون اوراق التمرد بيد ويرفعون صور مبارك بالاخري , وحين يفرغون من مهمة ' تمرد ' تمتد اليد للاشتباك مع ذوي شهداء يناير -- بينما حضرات السادة الثوار غارقون حتي الازناد في خوض المعركة بالوكالة عن جنرال الثورة المضادة ضد الرئيس وجماعته وتياره فيما يتاهب فلول العصر البائس للحصاد دون مشقة تذكر.

لقد اعادتني مشاهد احتضان ابناء مبارك ل ' تمرد ' و العكس الي ما سجلته في هذا المكان اثناء جنون احداث الاتحادية من انه ليس اكثر قتامة وعتامة من اللحظات التي تمر بها مصر الآن سوي لحظة الجنون التي اودت بالعرب الي الجحيم واخرجتهم من التاريخ ليلة 2 اغسطس 1990 , حين انفتح الباب واسعا لكي يقتل العربي اخاه في معركة خرج الجميع منها مهزومين مقتولين.

واخشي ان تكون ثورة 25 يناير المصري تقف علي الباب ذاته الآن وتتاهب للقفز الي حريق مستعر , صنعه اعداء هذه الثورة ببراعة فائقة , وينساق اليه شركاؤها وكانهم يمارسون رقصة جنون جماعي او لعبة موت.

ويذكر التاريخ ان عاصفة صحراء ذلك الشتاء البائس قسمت الشخصية العربية نصفين واعادت الشعوب العربية الي جاهلية داحس و الغبراء وحرب البسوس , واندلعت حرائق حمل الاخوة السلاح علي بعضهم البعض وخاضوا معركة طاحنة انتصر فيها العدو دون ان يطلق رصاصة واحدة.

وفي المقابل لا يريد اعداء الثورة البيضاء تفويت فرصة عمرهم للانقضاض علي المشهد , حتي ان زعيم الفلول في لحظة وضوح واتساق مع الذات وصف ما يجري الآن بانه ' ثورة ضد الثورة ' دون ان يسكته احد , او يقول له ان يخرج من الموضوع.

واكرر ان استدعاء الميدان للفلول علي طريقة ' عدو عدوي صديقي ولو كان عدوي ' لا يصح ان يكون امرا حتميا لمواجهة الاخوان وتيار الاسلام السياسي , لان ذلك ينقل الميدان من كونه المدينة الفاضلة للثورة , الي مجرد ملعب انتخابي او ساحة سياسية تعتمد قوانين السوق ومهارات البيع و الشراء و الصفقات , فان كان ذلك كذلك ليس من حق احد هنا ان يدعي انه يتحدث باسم الثورة او ان ما يجري هو امتداد للثورة , و سنحترمه اكثر لو مارس فضيلة الوضوح و اعلن انه يلعب سياسة و مصالح , و ان ما يحركه هو قواعد السوق و ليس مبادئ و قيم الحق و الخير و الجمال .

ليست هناك تعليقات :