وائل قنديل : عواجيز السياسة الفاشلون يستعدون لاحراق مصر يوم 30 يونيو


مصر تندفع باقصي سرعة الي الجحيم , تجاوزت حالة الاستقطاب و التناطح السياسي الي مرحلة النيران الحية , وتخطت حالة التدافع الي مرحلة التفكير في محو وابادة الخصم , و الآن تتطاير مفردات ' التحرير ' و ' الاجتثاث ' وتخليص البلاد من الاخوان و الاسلاميين , ويصل الشطط و الهطل ببعضهم الي الحديث عن جلاء محمد مرسي و الاخوان المسلمين عن مصر.

ولصناعة مناخ بهذه البشاعة لابد ان تعمل ماكينات انتاج الاكاذيب و الشائعات باقصي طاقتها , وتجري عملية مزاوجة بالاكراه بين تبر الثورة وتبن الثورة المضادة , ويختلط الحقيقي بالمزيف.

علي الصفحة الثالثة من ' الشروق ' امس نموذجان صارخان للخلط و التلفيق و النصب السياسي باسم الثورة -- الخبر الاول يقول ان اوبرا باريس واوبرا براغ اعلنا انضمامها لقافلة المحاربين ضد وزير الثقافة الجديد , ' لا اعرف هذا الوزير ولا اري انه الانسب للمنصب في الفترة الحالية ' لكني ايضا لا اعرف كيف يمتلك بعضهم كل هذه القدرة علي الادعاء و التلفيق , اذ يقول العنوان الاول للتقرير نقلا عن مديرا اوبرا مصر المقالة ان الفرنسيس و التشيكيين يتضامنون معها ضد تعسف الوزير باعلان تعليق العمل في الاوبرا بالبلدين المذكورين , غير ان العنوان الشارح للتقرير يجزم علي لسان مصادر في اوبرا باريس بانهم لا يعلمون شيئا عن هذه ' العركة ' بين موظفي الثقافة المصرية.

وبالصفحة ذاتها وفي موضوع آخر في سياق منهجية استخدام الكذب كسلاح مشروع تنقل الزميلة مني ابوالنصر عن امين عام مجمع البحوث الاسلامية نفيا قاطعا لتلك الشائعة التي روجت علي اوسع نطاق بشان مصادرة كتب استاذ الفلسفة الدكتور حسن حنفي وتكفيره واخراجه من الملة , وهي الاكذوبة التي جرت عملية تعبئتها واطلاقها في سوق التلفيق للتدليل علي ان الرئيس وجماعته يحرقون الثقافة المصرية ويطاردون حرية الفكر و الابداع.

لقد دخلنا مرحلة اللعب علي المكشوف , وما كان يروج تلميحا صار يعلن عن نفسه تصريحا وراينا لاول مرة وجوها محسوبة علي ' الثورة ' تجهر بانه يشرفها ان تكون من الفلول ومعهم ضد محمد مرسي و الاخوان , وسمعنا اصواتا تتحدث عن ترويكا للحكم الجديد في مصر تضم جنرال الثورة المضادة ومرشحين خاسرين وآخرين منسحبين من سباق انتخابات الرئاسة.

ومع دخول يونيو , ترتفع وتيرة الحشد علي نحو مجنون , وكالعادة يطل الحشد المضاد براسه , ففي مواجهة قوات سحب الشرعية من الرئيس القادم عبر انتخابات اكد سلامتها ذوو العقول و الضمائر , ياتي اعلان قوي الاسلام السياسي عن خوض غمار المعركة في التوقيت ذاته دفاعا عن شرعية الرئيس -- وتخيل الموقف ساعتها حين يحتشد الفريقان في ساحة معركة واحدة.

انه الحريق الكامل و الدمار الشامل لو استمرت عمليات التعبئة بهذه المعدلات المجنونة -- وهذا ان وقع لا قدر الله ستكون ايدي الجميع ملوثة بالدماء , وبشكل خاص عواجيز السياسة وبارونات الفشل و الانسحاب الذين قرروا بلا وازع من ضمير ان ينضجوا احلامهم الخائبة علي عظام المصريين وجماجمهم , و يشربون دماء الغلابة نخبا لانتصار هو الهزيمة الحضارية و الاخلاقية في اجلي معانيها .

ليست هناك تعليقات :