لماذا يستمر تعيين المحافظين ؟ فراج اسماعيل


تغيير المحافظين لن يعني شيئا اذا لم يقدم لنا ثورة في الادارة المحلية وتفكيك المركزية التي جعلت كل المحافظات مرتبطة بزر في القاهرة لا تتحرك الا بواسطته. مصيبة مصر طوال تاريخها انها تقف وراء قاطرة اسمها القاهرة , تتاثر بمشاكلها وتنام علي تثاؤبها. هذه المركزية يجب ان تتوقف لتتنافس المحافظات في العمل و الانتاج وتحقيق نوع من الاكتفاء الذاتي و الابداع في الحلول. نريد محافظين يملكون قرارهم فلا يرجعون للقيادة السياسية في كل شيء. ذلك لن يكون يسيرا او قابلا للتطبيق في ظل نظام التعيين الحالي , فالانتخاب يمنحهم القوة و الشعبية ويجعل كل محافظ تحت امر الشعب الذي انتخبه وليس تحت امر رئيس الجمهورية او رئيس الحكومة. بعض المحافظين نجحوا في الماضي في ادارة محافظاتهم وتقديم نموذج جيد من الحكم المحلي , الا انها مواهب شخصية انتهت برحيلهم وليست ناتج عمل مؤسسي وبذلك فقد كان النجاح استثناء و الفشل هو القاعدة المستدامة. كنت اتمني ان تمتد الديمقراطية الجديدة التي اتاحت انتخاب رئيس الجمهورية الي المحافظات ايضا حتي يتدرب الجميع عليها فلا نفاجا بشباب صغير يتمرد عليها باسم ' تمرد ' او بعواجيز طامعين في كرسي الرئاسة فيثيرون الشعب ويدفعونه الي المقتلة وسفك الدماء. الديمقراطية تدريب وخبرات يتعلمها الناس ويتصرفون معها بسلاسة وروح رياضية عندما يعتادون عليها. المحافظ المنتخب هو مشروع رئيس جمهورية قادم لانه يكتسب من الخبرات الادارية و السياسية ما يجعل منه رئيسا واعدا. المحليات مدرسة تخرج الحكام الاكفاء. رجب طيب اردوغان كان رئيسا منتخبا لبلدية اسطنبول وفيها تعلم فن الحكم و الادارة و الابداع ومن خلال تعامله مع مشاكلها اليومية صار سياسيا بارعا. متي نري ذلك في مصر؟ -- انها امنية غالية ليست بعيدة المنال , فقط تحتاج جراة وشجاعة اتخاذ القرار دون حساسيات. بعد قيام ثورة يناير ترددت فكرة انتخاب المحافظين وتداولها البعض , الا انها تاهت ولم يعد احد يتحدث عنها مع انها اولي من امور اخري كثيرة جري بها نهر السياسة خلال المرحلة الانتقالية. صحيح انها ستقضي علي مركزية القاهرة واهميتها كمركز قيادة , لكن القاهرة الآن مريضة وصحتها لا تساعدها علي حل مشاكل محافظات مترامية بعضها لا يسمع عنها سكان العاصمة ولا يعيرها اهتماما بل ويبدي تبرمه من ملايين ياتونها يوميا ليضايقونه في المرور و المعيشة و التنفس و المواصلات. الهجرة الي القاهرة قد تتحول الي هجرة عكسية اذا نجحت المحافظات في ادارة شئونها وحل مشاكلها و التعامل مع امورها كانها مناطق شبه مستقلة.

ليست هناك تعليقات :