منع مصر من تحقيق الاكتفاء الذاتي و حكاية حرب القمح وائل قنديل


يعلم كل من يمتلك قلبا سليما في هذا البلد ان كل طن زيادة في انتاج القمح في مصر , يعني ابتعادا بمسافة محترمة عن عار التبعية الغذائية , واقترابا من التحرر الوطني و الاقتصادي.

ويدرك كل من يمتلك عقلا ان واشنطن كانت تعتبر تفكير اية دولة صغيرة او كبيرة في تحقيق اكتفائها الذاتي من القمح وتوقفها عن مد يدها للولايات المتحدة كي تاكل هو خط احمر يستحق من يتجاوزه العقاب. لذلك يبدو غريبا وصادما هذا الاستحلاب الطفولي لاية تصريحات وبيانات تنفي وصول مصر الي تحقيق طفرة في انتاج القمح هذا العام , خصوصا حين يكون في الامر غرض و الغرض مرض كما تعلمون. وقد اعادتني هذه الحالة لحكاية مضي عليها ثلاثة اعوام سجلتها في هذا المكان تحت عنوان ' البلد رايحة في ستين داهية ' بتاريخ 17 اغسطس 2010.

اثناء افتتاحه لمحور صفط اللبن وامام الكاميرات و الميكروفونات سال الرئيس مبارك الوزراء الحاضرين تعليقا علي ازمة القمح الروسي : الم انبه الي هذه المشكلة منذ خمس او ست سنوات؟ فانبري له احد الوزراء قائلا اننا لا نستطيع التوسع في زراعة القمح لانه سيستنزف كل حصة مصر من المياه , ثم امن رئيس الوزراء احمد نظيف علي الكلام امام الجميع , وسلامه عليكم -- عليكم السلام!

واليكم هذه القصة : اثناء مفاوضات الحكومة المصرية مع الامريكان بشان اتفاقية التجارة الحرة و التي تولاها الوزيران رشيد محمد رشيد ويوسف بطرس غالي , عاد كلاهما من امريكا وادليا بتصريحات مفادها ان واشنطن غير مرتاحة لوجود وزير زراعة مصري يتحدث كل يوم عن الاكتفاء الذاتي من القمح , وهو الامر الذي يثير غضب المزارعين الامريكان -- وقد كان -- تم اجلاء احمد الليثي عن وزارة الزراعة.

الطريف وكما كشف لي الوزير الليثي في دردشة رمضانية انه بعد خروجه من الوزارة باقل من اسبوع اعلن الوزير الذي حل محله امين اباظة بكل فخر اننا لسنا بحاجة لتبني سياسة الاكتفاء الذاتي من القمح طالما لدينا اموال نشتريه بها.

واليكم حكاية اخري رواها لي الوزير احمد الليثي : في عام 2005 كلف الليثي رئيس شركة ابي قير للاسمدة بانتاج مركب سماد مخصص للقمح فقط , وبالفعل تم انتاجه في شكائر مكتوب عليها ' يزيد انتاجية القمح بنسبة 15 في المائة ' فماذا حدث؟ بعد خروج الليثي او اخراجه من الوزارة جاء وزير الصناعة وطلب من رئيس شركة ابي قير ان ينسي هذا الموضوع لان هذه العبارة علي الشيكارة تثير غضب الامريكان وتستفزهم , وبالفعل الغي مشروع انتاج السماد!

وبراي الليثي ان الوحيد الذي كان قادرا علي تحقيق الاكتفاء الذاتي من القمح في مصر هو وزير الزراعة الذي سبقه يوسف و الي , بحكم ان الاخير قضي 23 عاما في الوزارة مدججا بترسانة هائلة من النفوذ السياسي باعتباره كان الامين العام للحزب الوطني و الرجل الاقوي في كل الحكومات التي تعاقبت عليه , غير انه عن عمد و مع سبق الاصرار لم يفعل , لم يسمح لمصر بان تكتفي ذاتيا.

ليست هناك تعليقات :