مالك حمام سباحة في الشارع يصعق شاب رفض المغادرة بعد انتهاء الوقت و يرديه قتيلا


لا يهتم ' مسعد ' بمرضه وآلامه وعجزه , مرت سنوات وهو مريض وقعيد , مرت ثقيلة موحشة لكنه لم يذق لها مثل تلك المرارة من قبل , يبكي بحرقة وهو يتابع حديث زوجته عن نجلهما مصطفي الذي لفظ انفاسه الاخيرة صعقا بالكهرباء في حمام سباحة في الشارع -- الكلمات محشورة في حنجرته لكنه ينطقها بصعوبة : ' ابني البكري اللي كان سندي في الدنيا راح مني , حتي جنازته مقدرتش احضرها بسبب مرضي وعجزي عن الحركة , بس نحمد ربنا علي كل شيء ' , بينما واصلت زوجته سليمة محمود الحديث قائلة ' ابني قتله ابوسعيد علشان حط سلك الكهربا علي دراعه وهو في الميه , وبعد كده طلعه من الحوض وكان بيلبّسه هدومه علشان يرميه في الجبل بس من كرم ربنا الجيران شافوه وبلغوا الشرطة ' .

مصطفي مسعد ' 18 سنة ' , طالب , كان قد طلب من و الدته الذهاب لزيارة خاله احمد , وعندما سمحت له توجه الي منزل خاله في منطقة مساكن القاهرة بالمقطم , واثناء عودته للمنزل قابله صديقه سعيد وعرض عليه الاستحمام في حمام سباحة اقامه احد الاشخاص في الشارع امام منزله , وهناك وجد مصطفي العديد من الاطفال و الطلاب ينتظرون دورهم للاستحمام في حمام السباحة وبعدما دفع جنيهين لصاحب الحمام وانتظر دوره شاهد صاحب الحمام ينهال بالسباب و الشتائم علي الموجودين في الحمام بسبب رفضهم الخروج من المياه بحجة عدم انتهاء الوقت المخصص لهم , وبعد محاولاته معهم تمكن من اخراجهم بعدما هددهم بالصعق بالكهرباء.

كان يمسك في يديه السلك ويضعه علي شبكة حديدية فيحدث تطاير للشرر الامر الذي يصيب الاطفال بحالة من الرعب و الخوف , مر هذا المشهد سريعا امام ' مصطفي ' وجاء دوره في النزول هو وصديقه سعيد , وبعد مرور 8 دقائق بدا علي موسي , الشهير ب ' ابوسعيد ' في محاولة اخراجهم من المياه وعندما طلب من مصطفي الخروج طلب منه الانتظار حتي تنتهي المدة المحددة له وهي 15 دقيقة لكن ابوسعيد غضب منه وانهال عليه بالسباب و الشتائم وهدده بالصعق بالكهرباء , فخرج صديقه بسرعة خوفا من ابوسعيد , لكن مصطفي اخذ هذه التهديدات علي انها نوع من الدعابة التي يمارسها صاحب الحمام مع زبائنه , بينما بدا صديق مصطفي في القاء الحجارة في الحمام حتي يمنع ابوسعيد من ايذاء صديقه.

لم تمر سوي لحظات قليلة وامسك ابوسعيد السلك الكهربائي ووضعه علي ذراع مصطفي اثناء وجوده في الماء فلفظ انفاسه الاخيرة في الحال , فاسرع المتهم في قطع السلك واخراج المجني عليه من حوض المياه وبدا في تجفيف جسده من المياه وعندما احضر ملابسه شاهده الجيران من النوافذ , فاسرعوا بالنزول فوجدوا الشاب فاقدا للوعي , واخبرهم صاحب الحمام انه اصيب بحالة اعياء بسبب بقائه في المياه فترة طويلة , وعندما اقترب احد الجيران من الشاب وجده جثة هامدة فاسرع بالاتصال بالمقدم احمد هدية رئيس مباحث قسم شرطة المقطم الذي انتقل علي راس قوة من القسم واسرع باخطار سيارة الاسعاف لنقل الشاب الي مستشفي المقطم التخصصي لاسعافه , لكن الاطباء اخبروهم بانه فارق الحياة منذ اكثر من نصف ساعة.

' كنت في المطبخ باجهز الغدا وسمعت صوت حد بيخبط علي الباب فخرجت لقيته سعيد , صديق مصطفي , وعمال يعيط , وقال لي مصطفي مات في حمام ابوسعيد ' -- بهذه الكلمات حكت سليمة سيد محمود ' 50 سنة ' تفاصيل الواقعة قائلة انها اسرعت بصحبة صديق نجلها الي مكان الواقعة فوجدت رئيس المباحث ومعه مجموعة من العساكر واقفين بجانب حوض مياه في الشارع , وعندما سالت عن نجلها اخبروها بانه في مستشفي المقطم التخصصي فاسرعت الي هناك فوجدت نجلها علي سرير في احدي الغرف في قسم الاستقبال وبه آثار تعذيب في ذراعه اليمني , و حضر الاطباء و طاقم التمريض علي صرخاتها , وتمكنوا من اخراجها من الغرفة حتي حضر المستشار محمد صلاح رئيس نيابة المقطم و ناظَر الجثة , و انتقل الي مكان الواقعة وتمت معاينة مسرح الجريمة , و وجهت النيابة للمتهم تهمة القتل العمد و قررت حبسه علي ذمة التحقيقات .


' رايح علي دنيا تانية ' -- كانت هذه آخر كلمات مصطفي لوالدته عندما طلب منها السماح له بالخروج مع صديقه سعيد , لكن قلبها ارتجف عندما سمعتها وقالت له ' يا ابني بتقول ليه كده دنيا ايه اللي رايحها مع سعيد , فرد عليها ' يامّه انا بضحك ما فيش حاجة ' , تتذكر سليمة هذه الكلمات وتبكي ' شكله كان حاسس انه خلاص سايب الدنيا ورايح عند رب كريم ' , وتابعت الام ان مصطفي كان العائل الوحيد للاسرة بعد مرض و الده فكان يخرج من المدرسة ثم يذهب الي جراج سيارات يعمل فيه حتي يوفر احتياجاته الشخصية ويسهم في الانفاق علي الاسرة المكونة من 4 افراد.

وقالت الام ان نجلها مصطفي كان يذهب الي عمله يوميا بعد خروجه من المدرسة الثانوية التجارية , وكان ياخذ من صاحب الجراج 300 جنيه شهريا يعطيها لوالدته لتنفقها علي الاسرة و المساهمة في علاج و الده , وانه وعدها بالبحث عن عمل آخر يدر عليه دخلا كبيرا حتي يساعدها في سداد ايجار الشقة المتراكم عليها منذ عدة اشهر واقساط الاجهزة الكهربائية التي اشترتها و الدته من المحال التجارية بالتقسيط قبل زواج شقيقته الصغري شيماء , ولم تمر سوي ساعتين علي حديث مصطفي مع و الدته حتي وصلها اسود خبر في حياتها بوفاته.

عندما تصل الي العقار رقم 5 في مساكن القاهرة بالمقطم تجد بجانب العقار الخامس و السادس قطعة ارض فضاء تفصل بين العقارين , ومحاطة بشبكة حديدية وبداخلها مجموعة من الالعاب المخصصة للاطفال , وعلي مدخل الباب الرئيسي ورقة مكتوب عليها ' ملاهي ابوسعيد للاطفال , جميع الالعاب بجنيه واحد لمدة 15 دقيقة , حمام السباحة ب2 جنيه لمدة 15 دقيقة ' .

' حمام السباحة ' عبارة عن حوض من الصاج عرضه 3 امتار وطوله 5 امتار وعمقه متر واحد , وبداخله مياه لونها اصفر وتخرج منه رائحة كريهة , اما عملية تغيير المياه فلا تتم الا مرة واحدة كل 15 يوما الامر الذي يجعل المياه الموجودة في الحوض سببا لنشر الامراض بين الاطفال و التلاميذ بسبب عدم تغييرها.

' انا ماعرفش حاجة عن موت مصطفي ' -- كانت هذه كلمات المتهم ' علي.م ' ' 50 سنة ' في تحقيقات النيابة التي اشرف عليها المستشار طارق ابوزيد المحامي العام الاول لنيابات جنوب القاهرة , وقال المتهم انه فوجئ اثناء وجوده مع مجموعة من الاطفال الذين كانوا يلعبون المراجيح بصرخات مصطفي وعندما اسرع اليه وجده خارج الحمام ويمسك في يده سلك الكهرباء , وعندما قطع السلك واستعان بالجيران لمساعدته في نقله الي المستشفي وجده جثة هامدة , هذه الرواية تعاملت معها النيابة علي انها مخالفة للحقيقة بعدما اثبتت تحريات المباحث التي اشرف عليها اللواء جمال عبدالعال مدير الادارة العامة للمباحث ان المتهم اقام هذه الالعاب بالمخالفة للقانون وبطريقة عشوائية تعرض حياة الاطفال للخطر , وانه استخدم الكهرباء من لوحة الكهرباء الرئيسية بالمخالفة وباسلاك متهالكة تسببت في احداث حالة من الرعب لدي الجيران.

ليست هناك تعليقات :