عتاب من مواطن اثيوبي الى مصر عماد الدين حسين


ليس من راي كمن سمع -- هكذا قابلت مواطنا اثيوبيا في احد فنادق العاصمة اديس ابابا , وبعد ان تعارفنا وعرف انني صحفي مصري قال لي : ساقول لك ما يفكر فيه غالبية الاثيوبيين : الرجاء توقفوا في مصر عن التعامل معنا باستعلاء وعنصرية.

ثم اخذ يسترسل ويشرح ويفيض -- قال الرجل انه من المحبين لمصر وزارها كثيرا ومعجب بروح شعبها وحبه للنكتة و الفكاهة وتفوقه الكروي , لكن هذا الشعب ينظر كثيرا للافارقة باعتبارهم عبيدا او في احسن الاحوال خدما.

ومثال ذلك كما يقول الصورة النمطية للافريقي او حتي النوبي بل وحتي السوداني الذي هو عربي ومسلم مثلكم تعاملونهم بصورة مهينة. يسال الرجل مستنكرا : انظر لصورة البواب في الافلام المصرية منذ عشرات السنين وحتي الآن ستجد نفس الصورة المنمطة لكل السود.

يضيف المواطن الاثيوبي : لن ادخل في جدال سياسي بشان سد النهضة واتفاقيات دول حوض النيل , فهذا شان الحكومات , لكن هل سالتم انفسكم في مصر : ماذا تعرفون عنا هنا في اثيوبيا او افريقيا؟

يجيب الرجل غير منتظر اجابتي : انتم لا تعرفون عنا شيئا , في حين نعرف نحن عنكم الكثير من اول لاعبي الكرة وكبار الممثلين وصولا الي السياسيين , ونتابع تطورات بلادكم اولا باول.

قلت له بعضنا يعرف عنكم الكثير , فرد بان هؤلاء قلة تثبت القاعدة. قلت له ان كثيرا من المستثمرين المصريين قد بداوا التدفق علي اثيوبيا وافريقيا , فقال هذا شيء حس , لكنه كان بدافع المصلحة وبعد ان اقتنعتم انكم بصدد خسارة القارة باكملها.

قلت له بغض النظر عن السبب , فقد بدانا الطريق الصحيح , قال الرجل كنا ننتظر منكم ان تكونوا حتي مثل الصينيين , ياتون الينا يريدون المواد الخام لتشغيل مصانعهم , ويقيمون لنا الطرق و الكباري و المشروعات , علي الاقل هم لا يخدعوننا , المسالة مصالح مشتركة وانتم كمصريين فشلتم ان تكونوا حتي مثل الصينيين.

قلت له نحن لا نملك الاموال مثل الصين , قال صحيح ونحن لا نطلب منكم المال , بل نريد منكم ان تتذكروا كيف كانت مصر تتعامل معنا من عام 1952 حتي عام 1977؟ كانت ترسل لنا الفنيين خصوصا مهندسي وخبراء الري , وترسل المدرسين وائمة المساجد , وخبراء في مجالات كثيرة.

ونحن حفظنا الجميل لمصر ولجمال عبدالناصر , ولم يكن الموضوع مجرد مساعدات مالية بل رسالة واحساس بانكم افارقة مثلنا , همومكم هي همومنا.

يضيف هذا الاثيوبي قائلا : وحتي اذا لم تريدوا ان تكونوا افارقة , فعليكم احترامنا , واذا فشلتم في ذلك فعلي الاقل مثلوا علينا انكم تحترموننا , ولا تلجاون الي اهانتنا بصورة فجة كما يفعل سياسيوكم واعلامكم في الفترة الاخيرة.

انتهي كلام هذا المواطن , و النتيجة التي خرجت بها اننا تقريبا اهدرنا في لحظات ما بنيناه في سنوات وللامانة و الموضوعية فاهمال افريقيا ليس جريمة الحكومات الآن فقط , بل هو تراث بدا مع السادات وعمقه مبارك وندفع ثمنه الآن.

لكن هل معني ذلك ان نياس؟! المؤكد لا -- الطريق صعب ووعر لكنه ليس مستحيلا.
مقالات اخري للكاتب

ليست هناك تعليقات :