نخبة تقود مصر بخطاب البلطجة و العنف و المكايدة عماد الدين حسين


البلطجة و الانفلات وغياب المعايير لم تعد حكرا علي اللصوص و الخارجين علي القانون في الشوارع.

للاسف هي صارت او في طريقها لتصبح منهجا للتفكير بين النخبة التي يفترض انها تقود الامة.

المعارك الصغيرة و التافهة التي تدور في غرف الدردشة او التعليق علي الاخبار و المقالات في المواقع الاخبارية بالانترنت , بين مجموعة من الهواة او المتعصبين , تتحول شيئا فشيئا الي الطريقة المثلي لادارة الخلاف بين الاحزاب و القوي السياسية , وبينها وبين مؤسسة الحكم.

منهج البلطجة و الهجامة المفروض علينا الآن يريد ان يختزل قضايا الامة المصرية في اسئلة من قبيل ' ايهما كان علي حق عبدالناصر ام الاخوان؟ ' و ' من المسئول عن كارثة سد النهضة مرسي ام مبارك؟ ' . و ' من الافضل -- الاخوان ام نظام مبارك؟ ' .

قد تصلح مثل هذه النقاشات الصبيانية بين مجموعة من العوام علي مقهي بلدي , او بين ' التراس الاحزاب السياسية ' خلال مظاهرة , لكنها اذا تم تعميمها فان هذه النخبة تقود الامة -- لكن الي حتفها!.

النخبة و المقصود بها من هم في الحكم و المعارضة معا , عليها المسارعة فورا الي الفصل بين المكايدات السياسية و القضايا المصيرية.

بدايات كارثة سد النهضة لم يتسبب فيها مرسي او الاخوان , لكن من سوء حظهما انهم مطالبون بتهيئة الظروف لتوحيد الامة كي نتمكن من ايجاد حلول لها واي تطور سلبي يتحمله مرسي لانه رئيس البلاد ودوره حل مشاكلها هو ومن يختارهم من الوزراء و الخبراء.

كارثة مياه النيل يتحملها في المقام الاول نظام حسني مبارك الاجرامي وكل الذين عملوا في هذا الملف فردا فردا , كل وزراء الري و الخارجية ورؤساء الوزارات ومسئولو الاجهزة الامنية خصوصا المخابرات وكل من له صلة بهذا الملف في عهد مبارك يتحمل قسطا من هذه المسئولية.

الشهامة او الرجولة الا يخرج اي شخص ساهم في وصولنا لهذا المازق كي يعطينا دروسا في كيفية الخروج منه.

مسئولية مرسي الآن هي البحث عن طريقة تنهي الميراث السيئ اواصلاحه , تلك هي المسئولية السياسية التي لا يستطيع التهرب منها , وذلك لن ياتي من دون بلورة اجماع وطني حول هذا الملف , ولا تسالوني كيف يحدث ذلك , فتلك مسئولية الرئيس وادارته وليست مسئولية المعارضة او الصحافة.

من العار ايضا ان يستدعي بعض الاخوان و الناصريين معارك الستينيات وكانها حدثت بالامس , ويدخلون في معارك عبثية طاحنة عن احداث 54 وهل كانت من اجل المبادئ ام من اجل السلطة؟!.

مثل هذا الامر صار في جزء كبير منه تختص به كتب التاريخ , ليس عيبا ان نناقشه مناقشة موضوعية لنستفيد به الآن , لكن ان يتحول الي صلب القضايا فتلك هي الفتنة الكبري.

المعارك التي تواجهها مصر الآن تحتاج فعلا لبرنامج واضح ورؤية جديدة ومختلفة , قائمة علي العلم و التخطيط , وقبل ذلك وبعده لحد ادني من الاجماع الوطني.

' خناقات مرسي ام مبارك ' و ' الاخوان ام الناصريين ' للاسف لن تحل شيئا في قضايا الوطن الراهنة , ناهيك عن معاركه المستقبلية.

ليست هناك تعليقات :