أحمد منصور يكتب الجزء الثاني عن حقيقة التظاهرات فى ميدان تقسيم التركي


' عاشت وحدة الشيوعيين -- عاشت وحدة عمال العالم -- النضال من اجل اجهاض الطبقية -- اما العدالة واما القيامة -- حان وقت الفوضي ' كانت هذه بعض العبارات التي كتبت علي لوحات كبيرة من القماش وعلقت في ميدان تقسيم علي مبني مركز اتاتورك الثقافي الذي من المقرر ان يهدم وان يتحول الي مركز ثقافي ودار للاوبرا حسب مخطط اردوغان.

اما الاحزاب التي رفعت هذه الشعارات فهي ' حزب المسحوقين الاشتراكيين ' وهو حزب علوي نصيري , و الحزب الشيوعي التركي , واحزاب شيوعية وجماعات يسارية اخري بعضها محظور , وهي في مجموعها لا تساوي شيئا في الشارع التركي وليس لها اي وجود برلماني او شعبي غير ان صوتها عال , و المنتمون اليها من الناقمين علي المجتمع و النظام و الحياة وممن يمارسون الفوضي اينما وجدوا.

وهذا يعكس اسباب وطبيعة العنف الذي استخدمته هذه التيارات حينما اندلعت التظاهرات في الاسبوع الماضي , حيث قاموا بحرق كثير من باصات النقل العام و السيارات الخاصة وسيارات البث التليفزيوني التي مازالت موجودة في الميدان كما حرقوا مراكز للشرطة و الخدمات كانت توجد في حديقة جيزي في ساحة تقسيم وهي الحديقة التي قررت حكومة اردوغان تطويرها واعادة بناء قلعة عثمانية في جزء منها كانت قد بنيت في العام 1790 وقام اتاتورك بهدمها في العام 1940 , وهذا يقتضي نقل اثنتي عشرة شجرة من مكانها الي مكان آخر حتي يتم اعادة بناء القلعة.

دخلت الي حديقة جيزي في الساعة الثالثة بعد الظهر وبقيت بها حتي الساعة السادسة من مساء الاربعاء الماضي , فوجدتها اشبه ما تكون بميدان التحرير في مصر ليس ايام الثورة و المليونيات الثورية الحقيقية ولكن في مليونيات الفوضي وفترات اغلاق الميدان من قبل منظمات الاشتركيين الثوريين ومجموعات البلطجية التي استفادت من الوضع , اغلب الموجودين في الحديقة جاءوا من اجل الفرجة.

وهناك جماعات يسارية وشيوعية وقومية علمانية لاحصر لها اقامت خياما او اشباه خيام توزع المنشورات ضد حكومة اردوغان , وتطالب بعدم المساس بالحديقة او متحف اتاتورك او اعادة بناء القلعة العثمانية او المساس بالحريات الشخصية , بينما كانت فرق تغني وجماعات ترقص او تقدم الاغاني التقليدية بالمصري.

كان الوضع عبارة عن مولد , اغلب الموجودين كانوا من الشباب و الشابات يجلسون في حلقات -- بعضهم ممددون و البعض نائمون كله علي بعضه , وعند الشجرات الاثنتي عشرة محل النزاع وجدت شخصا يضع صندوقا وينادي بالتبرع للساهرين علي حماية الشجرات من مخطط حكومة اردوغان بالمال و السجائر , وللاسف الشديد فان نسبة التدخين لدي الاتراك مرتفعة للغاية لاسيما بين الشباب نساء ورجالا.

الشجرات الاثنتا عشرة تقع في مربع صغير في نهاية الحديقة بجوار فنادق انتركونتننتال ودايفين وحياة ريجينسي , وهذه الفنادق كانت اراضيها جزءا من هذه الحديقة لكنها اقتطعت منها في عهود الاحزاب العلمانية الفاسدة التي حكمت تركيا خلال الاربعين عاما الماضية وتحولت الي فنادق دون ان يتظاهر احد.

غادرت الحديقة في السادسة مساء لكنني حينما عدت بعدما انهيت تقديم برنامجي ' بلاحدود ' قرب منتصف الليل كان الوضع في الحديقة مذريا للغاية -- . الكل يدخن ويشرب في صحة اتاتورك.

ليست هناك تعليقات :