موقف اخلاقي و دستوري من حزب النور السلفي


جمال سلطان ... بكل صراحة و وضوح اؤكد ان الموقف الذي اتخذه حزب النور من بعض مواد قانون الانتخابات الجديد الذي تتم مناقشته في مجلس الشوري موقف اخلاقي ووطني وقانوني ودستوري ايضا , وخاصة في القضية المتعلقة بما سمي بالتمييز الايجابي للمراة في الانتخابات القادمة , و الاصرار علي فرض موقع للمراة في القائمة الانتخابية لاي حزب او حتي المستقلين بل وفرضها في النصف الاول من القائمة , بما يعني حصولها علي افضلية مجانية للفوز بالمقعد دون غيرها من بقية القائمة التالية حتي لو كانوا افضل منها سياسيا واجتماعيا , ففي القوائم الانتخابية المغلقة , وهي التي يتجه اليها القانون يتم اختيار الفائزين حسب ترتيبهم في القائمة , فالناخب يصوت للقائمة كلها كتلة واحدة , ثم يتم توزيع حصة الحزب علي اوائل القائمة ثم من يلونهم حتي تنتهي حصته التي يمثلها مجموع الاصوات التي حصل عليها في الدائرة الانتخابية , وتخيل معي ان الحزب يمتلك خمسة كوادر انتخابية علي اعلي مستوي وفرص فوزهم ودعمهم للقائمة عالية , فيتم استبعاد احدهم لادخال احدي السيدات مكانه واضعاف القائمة وفرصة فوزها او قبولها بين الناخبين بما يحقق ضررا فادحا بالحزب , او ان تضطر الناخبين للتصويت لتلك السيدة رغم كراهيتهم لها وعدم ايمانهم بقيمتها السياسية او تقديرهم لقدراتها علي تمثيلهم , فيتم تجريعهم هذه السيدة لا لاي قيمة سوي انها امراة , وهذا فيه ظلم كبير للناخب و المرشح معا , واذا كنا نعرف ان نصف اصوات الناخبين للنساء تقريبا , فان تفرض عليهن سيدة بعينها رغم رغبتهن في اختيار مرشح آخر يرونه اكثر قدرة علي العطاء البرلماني واكثر موثوقية في تمثيلهن وتفرض عليهن اختيار امراة لمجرد انها امراة , فهذا فيه ظلم واضح واهدار لحق الناخبات و الناخبين في الاختيار واهدار ايضا لتكافؤ الفرص , لانك بذلك تميز المراة علي الرجل في القوائم الانتخابية , وهذا يقينا مخالف للدستور الذي يساوي بين الرجال و النساء كمواطنين , وقيمة المرشح لا تكون لجنسه , ذكر او انثي , وانما لقيمته ومصداقيته وتاريخه السياسي , وبالتالي فتصدي حزب النور لهذه المادة هو دفاع عن العدالة وعن الدستور وعن حق المواطن في الاختيار , ولا ينبغي المزايدة علي الحزب بان هذا موقف ضد المراة او فيه تحيز ' ديني ' ضد المراة , بل هو دفاع عن المراة في جوهره , هو دفاع عن حقوق ملايين النساء في ان تختار بحرية , وحماية لهن من ان تفرض عليهن اختيار ' مواطن ' لمجرد انه انثي او امراة , و الحديث هنا عن التمييز الايجابي هو بمثابة محاولة لوضع مساحيق علي وجه قبيح لتجميله , او محاولة لستر عوار الخلل الانساني و الدستوري في هذا الانحياز , وما يقال عن الانحياز للمراة بوصفها الطرف الضعيف في المعادلة وانها لن تنجح اذا لم تقحم في القوائم كلام سخيف , ويمكن ان يستخدمه آخرون لوضع مثل هذه ' الكوتة ' الانتخابية للاقباط او للشباب او للمبدعين او لغير ذلك كما تسرب من احاديث بعضهم , وستفتح علي نفسك بابا من الفوضي لن تستطيع ان تسده , ومعظم هذه المشكلات يمكن ان تحل بعيدا عن القانون وبما لا يتعارض مع الدستور , من خلال ما يشبه ميثاق الشرف بين الاحزاب لتحقيق التوازن المطلوب .


اشد علي يد حزب النور في موقفه الاخلاقي و الدستوري , واتضامن معه , وادعو الجميع للتضامن مع هذا الموقف , وعدم الخضوع للابتزاز ' الايديولوجي ' الذي يستخدمه بعض القوي لفرض افكار وقيم معينة علي الآخرين , فالمسالة في جوهرها محاولات لتسويق اجندة تغريبية لا تتصل بطبيعة المجتمع المصري واشواق اهله للحرية و العدالة و الحياة الافضل , رجالا ونساءا , وهي اجندة غير معنية بحقوق المراة في بلادنا وتطورها بقدر ما هي معنية بارضاء آخرين خارج الوطن وخارج اولوياته , ولا داعي لاضاعة الوقت بتمرير قانون كهذا يعرف الجميع انه غير دستوري , كما لا يصح ان يتصرف بعض الاحزاب علي طريقة , خليها تيجي من المحكمة الدستورية وليس منا , البلد لا تحتمل هذا ' الهزار ' السياسي .

ليست هناك تعليقات :