
محمود سلطان ... في اقل من اسبوع التقت قيادات الصف الاول من ' جبهة الانقاذ ' مع مسئول امريكي بارز ' جون ماكين ' -- ومع مرجعية سلفية مصرية كبيرة ' فضيلة الشيخ محمد حسان ' .
من الواضح ان اللقاءين كانا من قبيل ' الوساطة ' بين مؤسسة الرئاسة و الجبهة بشان ' التعديلات ' المقترحة للدستور , وقانون الانتخابات و الرقابة عليها.
المدهش ان الجبهة تقبل بلقاء ' ماكين ' الامريكي -- ولا تقبل بلقاء الرئيس المنتخب , وهي المفارقة التي تشير الي نزعة الاستقواء بالخارج الموروثة من عهد مبارك -- ويبدو انها استدعت خبرة الاخير للضغط علي الاسلاميين , بلغت حد تسريبات جادة تقول ان الجبهة طالبت ' اوباما ' بالضغط علي ' مرسي ' بورقة المعونات وربطها بقبول الاخير بالرقابة الدولية علي الانتخابات.
واذا كانت الاولي مستوحاة من تراث مبارك وخبرته في الاستقواء بالغرب ضد التيار الاسلامي -- فان الثانية ربما تكون استنت بسنة اقباط المهجر -- الذين طالما لعبوا بورقة المعونات الامريكية في ادارة الملف الطائفي في مصر.
ولا يمكن ادراج لقاء الجبهة بالشيخ محمد حسان , في اطار توازن الوسطاء : خارجيا ' ماكين ' وداخليا ' حسان ' -- لان اللقاء جاء بمبادرة شخصية من الاخير بوصفه يمثل ' السلفية الدعوية ' غير المحسوبة علي ' السلفية السياسية ' التي تعتبر ثاني اكبر القوي الوطنية في مصر الآن.
ولئن كان لقاء الجبهة ب ' ماكين ' لم يُحدث اية انقسامات داخلها , ما يعكس ' الرضا العام ' بفكرة الاستقواء بالخارج , حتي لو كان امريكيا , يمثل التيار المُتصهين و المعادي للعرب عامة ولمصر خاصة , داخل النخبة السياسية الرسمية الامريكية -- فان لقاء قيادات الصف الاول من الجبهة مع ' حسان ' قوبلت بردود فعل غاضبة من قيادات الصف الثاني ' محمد ابو الغار , وجورج اسحاق ' -- واعتبرت اللقاء في ذاته ' مهينا ' ل ' الدولة المدنية ' -- وخلف جدلا حول ما اذا كان من المناسب ان يجتمع دعاة ' الدولة المدنية ' , مع دعاة ' الدولة الدينية ' !!
واذا كان الجدل , يمكن تصنيفه كنوع من ' السفسطة الفارغة ' -- الا انه يعكس الاستعلاء ' المدني ' علي ' الديني ' -- ويعكس بشكل ضمني تنامي نزعة ' التكفير السياسي ' داخل التيار الذي يدعي المدنية -- اذ يضمر العلمانيون قناعة داخلية لا تدرج التيار الاسلامي بين التيارات المكونة للطيف الوطني المصري -- ويعتبرون الوطنية ' دينا حصريا ' للقوي العلمانية علي اتساعها وتنوعها -- و الآخرين ' خوارج ' لا وطنية لهم , و هو أمر آخر ورثته عن مبارك و نظامه .
ويبقي ان نشير هنا الي ان التجارب الاخيرة كشفت ان الرهان علي وجود تيار مدني قوي يثري الحياة السياسية المصرية , بات رهانا بعيد المنال اكثر من اي وقت مضي.
ليست هناك تعليقات :
إرسال تعليق