الداخلية سحلت و عرت و أنقذت تجار الدم العراة من المنطق وائل قنديل


وكان وزير الداخلية الجديد صعب عليه ان يري سماسرة الغضب و تجار الدم عرايا من اي منطق سياسي او اخلاقي , فقرر ان يهديهم قبلة الحياة ويلقي اليهم بطوق النجاة ليتحولوا في لحظة من متهمين بالضلوع في مهزلة سياسية الي فرسان للحرية وحقوق الانسان.

ان واقعة تعرية وسحل المواطن حمادة صابر عند قصر الاتحادية امس الاول سترت عورة اولئك المنهزمين سياسيا وقيميا واحيتهم من العدم , وبعد ان كانوا يبحثون عن مكان يتوارون فيه عن الانظار بعد ان شاهد العالم كيف جري ابتذال الثورة و الهبوط بمستوي الغضب الشعبي الي ممارسات مخجلة تحت قيادتهم وان زعموا ان لا سيطرة لهم علي الشارع هاهم يتلقفون الهدية ويعودون في مسوح الكهنة و الوعاظ و الزعماء الكبار مرة اخري.

لقد نجحت الداخلية بامتياز في تحويل دفة مشاعر المواطن العادي من الغضب و الضجر من اعمال الفوضي و التخريب واستهداف مقر الرئاسة بالمولوتوف وعبوات الهتافات البذيئة الي السخط علي النظام و الاحساس بالمهانة الشخصية وكان الذي تمت تعريته هو كل مواطن علي ارض مصر.

ولا يستطيع احد ان يعفي وزير الداخلية الجديد من المسئولية السياسية عن هذا العار التاريخي , ولو كان هذا الوزير عبقريا في مكانه فان بقاءه في منصبه بعدها يعد نوعا من الاستهانة بكرامة المصريين التي كانت المحرك الاول لثورة يناير المجيدة -- كما ان رئيس الجمهورية مطالب امام الله وامام شعبه بالاعتذار للرجل الذي انتهكت آدميته , فنحن لسنا اقل من تونس التي خرج رئيسها منصف المرزوقي معتذرا باسم الامة التونسية كلها شعبا وحكومة لفتاة تم اختطافها واغتصابها بواسطة عصابة من الاوغاد , وان لم يفعل سيكون النظام السياسي كله عاريا عن الشرعية الاخلاقية و السياسية.

والاكثر وضاعة وخسة من واقعة سحل وتعرية المواطن عند الاتحادية ان يسارع تجار الدم لاستثمار الواقعة سياسيا -- فهنا غضبكم مزيف وزائف ان كان هدفكم تسجيل هدف في مرمي السلطة ولم يكن غضبا من اجل كرامة انسان مهدرة -- وفي هذه الحالة انتم ايضا عراة من اي شرعية اخلاقية.

وارجو الا يخرج علينا احد بكلام من نوعية انه تصرف فردي , لاننا لسنا هنا بصدد كارثة قطار نلقيها علي ملاحظ بلوك او عامل مزلقان , او ان المسحول عري نفسه بنفسه , فحتي لو كان ذلك قد وقع فان واجب الشرطة هنا ان تلقي عليه بما يستره , فهكذا يفعل البشر الاسوياء كما تعلموها من الغربان منذ فجر البشرية في واقعة ابني آدم اللذين قتل احدهما الآخر.

' فَبَعَثَ اللَّهُ غُرَابا يَبْحَثُ فِي الْاَرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوَارِي سَوْاَةَ اَخِيهِ قَالَ يَا وَيْلَتَا اَعَجَزْتُ اَنْ اَكُونَ مِثْلَ هَذَا الْغُرَابِ فَاُوَارِيَ سَوْاَةَ اَخِي فَاَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ ' سورة المائدة31 ' }

ليست هناك تعليقات :