قبل مشهد السحل -- كان ثمة تعاطف مع ' مرسي ' ومع ' الداخلية ' , بدا في التنامي التدريجي مع كل قنبلة مولوتوف تقذف علي قصر الاتحادية -- فيما يتمتع المهاجمون بحرية التنقل و الحركة بسهولة ويسر , دون ان تتعرض لهم السلطات الامنية الا بخراطيم المياه -- وادوات فض المظاهرات القانونية.
كان المشهد يمضي نحو تسجيل شهادة الوفاة الرسمية ل ' جبهة الانقاذ ' -- ولعل ذلك كان واضحا حين طفقت الجبهة تخصف علي ' سواتها ' من ورق المبادرات التي القتها من قبل علي اسوار القصر الرئاسي.
الجميع سواء : من ' مع ' -- ومن ' ضد ' الرئيس , شعروا بالاهانة -- اذ يظل مرسي بصفته لا لشخصه يمثل ' رمزية جماعية ' تختصر عندها ارادة ما يقرب من 13 مليون مصري , اختاروه رئيسا لهم.
قد نختلف مع الرئيس وقد نتفق معه -- وقد ندافع عن بعض سياساته , وقد نقسوا عليه في النقد -- وقد نظل محتفظين بالامل و التفاؤل ب ' مشروعه السياسي ' -- وقد تخيب آمالنا -- قد نفرح باختيارنا له -- وقد نندم -- غير ان هذا كله لا يغير ولا ينقص من حقه علي الشعب في ان ينزله منزلته كاول رئيس مدني منتخب ولا يسمح بان يتعرض لمثل هذا الاهانات التي تتساقط زخات من علي الفضائيات وعلي مقر عمله بشكل يؤسس لمنطق ' تهييف ' المقعد الرئاسي , خدمة للفاشلين الذي اضاعوا فرصا افضل بانانيتهم وانتفاخ احساسهم بالزعامة الموروثة من عصور القمع و الاستبداد و المقابر الجماعية التي ظلت شاهدة علي محنة من يحكموننا الآن.
يبدو لي ان سحل المواطن حمادة صابر -- حمل الي جبهة الانقاذ ' عربة الاسعاف ' المجهزة بكل اجهزة غرف ' العناية المركزة ' -- بما فيها اجهزة التنفس الصناعي بعد ان دخل قادتها مع الدخان المتصاعد من داخل قصر الاتحادية مرحلة ' الموت السريري ' وبداية الرحلة الي اسوا ما يسجله التاريخ من مخازٍ لقادة العمل السياسي.
سحل صابر لم يكن الطوق الذي اقلّ المعارضة الي الشاطئ , وانما تحول الي سلعة ل ' تجار الدم ' وعصا المعارضة الغليظة التي ما انفكت تجلد ظهر السلطة بها آناء الليل واطراف النهار.
لم تغضب المعارضة لهذا المواطن الذي اهدرت كرامته واذلاله علي الهواء مباشرة -- وانما كانت في قمة سعادتها حين استثمرت جسد عامل المحارة العاري و المنهك و المسحول علي الاسفلت , وتسييله الي ' سولار ' رخيص لاشعال الحرائق فيما تبقي للنظام من ' شرعية ' يستر بها ما تآكل من شعبيته.
علي قادة المعارضة تقديم آيات الشكر الي ' الشرطة ' التي اهدت اليهم مشهد السحل المخزي -- ليخصم من رصيد ' الشرعية ' ويضيف الي رصيد دعاة الفوضي وتجار الدم.
ليست هناك تعليقات :
إرسال تعليق