تقرير أمريكي يرصد بوادر حرب مذهبية بين الشيعة و السنة في المنطقة



قالت مجلة ' فورين بوليسي ' الامريكية , ان العقود القادمة سيسيطر عليها الانقسام المرير داخل الاسلام نفسه , وليس الحرب علي الارهاب , وبرهنت الصحيفة علي ذلك بعدد من الحوادث التي وقعت في الاونة الاخيرة , مثل مقتل 89 شيعيا في انفجار بمدينة قويطا في باكستان , حيث اصبح الشيعة في باكستان وعددهم 30 مليونا , وهم الطائفة الاكبر في العالم بعد ايران , اصبحوا مستهدفين بشكل متزايد من جانب الاغلبية السنية , كما وقع هجوم آخر قبل خمسة اسابيع قتل فيها 100 شيعي آخر في نفس المدينة.

وفي نفس يوم التفجير الباكستاني , وقعت انفجارات ادت الي مقتل 21 شخصا في بغداد , وكل الهجمات تستهدف الضواحي الشيعية , و60 في المائة من العراقيين من الشيعة وقد اشعل هذا العنف الطائفي في البلاد , وكذلك فان الانقسام السني الشيعي عامل رئيسي في الحرب الاهلية المستمرة في سوريا , فالرئيس بشار الاسد ينتمي الي الطائفة العلوية الشيعية التي تمثل 15 في المائة فقط من السكان , وهذا العامل الطائفي عزز تحالفه مع ايران , واشعل الكراهية من قبل الاغلبية السنية تجاه النظام في دمشق.

ورات فورين بوليسي , ان هذه الحرب داخل الاسلام , كما تسميها , تستدعي اهتمام الغرب لان ديناميكية الكراهية وانعدام الثقة المتبادل بين المعسكرين تظهر كل الدلالات علي انها تزداد , ونظرا لوجود مليار من المسلمين عالقين في هذه المعركة الدينية و الديمغرافية , فان البقية في العالم سيشعرون بموجات الصدمة , فالولايات المتحدة علي سبيل المثال لا تزال تدعم العائلات السنية في البحرين و السعودية , اللتين لا تزالان تقمعان الانتفاضات الشيعية بالوسائل الاكثر وحشية.

وتحدثت الصحيفة عن الخلاف بين السنة و الشيعة , وقالت انه يعود في اغلبه الي فجر الاسلام نفسه , واشارت الي ان الخلافات بين الطرفين لم تبد ذات اهمية حتي وقت قريب , ربما لان الشيعة يمثلون 10 في المائة من المسلمين في العالم , موزعون في عدة دول وفي اقليات صغيرة , لكن هذه الامور تغيرت في عام 1979 , عندما قامت الثورة الاسلامية في ايران واسست نظاما شيعيا عسكريا في واحدة من اكبر دول الشرق الاوسط من حيث السكان.

ويقول اوليفر روي , العالم البارز في شئون الاسلام في معهد الجامعة الاوروبية بفلورنسا في ايطاليا , ان هذا الامر ادي بشكل اساسي الي اضطرب في توازن القوي الاقليمي , لان ايران بتنصيب نفسها كلاعب جديد في قتال ضد اسرائيل , كانت في موضع تتحدي فيه مزاعم سيطرة دول مثل مصر او السعودية.

وبدا الايرانيون في ان يرعوا ابناء عمومهم الشيعة في اماكن كالعراق ولبنان , ومن ثم اصبح الشيعة مسيسين كما يقول روي , وهذا الاتجاه سرع من الحرب الامريكية علي العراق واتي بالاغلبية الشيعية الي السلطة في العراق لاول مرة , وان كان من الصعب وصف هذا الامر بانه انتصار للديمقراطية.

من ناحية اخري , تحدث تقرير فورين بوليسي عن اتجاه آخر هو ' السلفيين ' وموقفهم من الشيعة , الذين يعتبرهم بعض العلماء السلفيين زنادقة , وقالت انه علي الرغم من انه ليس كل السلفيين بالضرورة مسلحين , الا ان مشاعر العداء للشيعة احد المعالم التي يتشاركونها مع بعض الحركات الجهادية , فلا احد يكره الشيعة اكثر من القاعدة وطالبان , وهو ما تجلي في اعلان القاعدة في العراق عن مسئولياتها عن الهجمات ضد الشيعة.

وتقول الصحيفة , انه من المؤكد الآن انه لا ينبغي ان يقبل الغرب بكل ما يقال عن الانقسام الشيعي السني علي ظاهره , ففي اماكن مثل العراق , تتراجع ملامح التمييز العنصري من خلال المصاهرة , كما ان هناك اعضاء في المعارضة في البحرين حريصون علي التاكيد علي ان دوافعهم سياسية اكثر من كونها دينية , وهو هدف يشتركون فيه مع السنة.

لكن من الواضح ان الاستقطاب الطائفي هو اتجاه حقيقي ومتزايد , ويري ' روي ' واحدا من سيناريوهين قد يعرقلاه , اصلاح النظام الذي يمكن ان يجعلها اكثر اعتدالا في التحريض علي النشاط الشيعي في الخارج , وانهيار نظام الاسد بعد انتقال سلس في سوريا و الذي سيحرم الايرانيين من واحد من اهم شركائهم اقليميا , ويفرض عليهم تقليص طموحاتهم , وغني عن القول ان اي من هذين الاحتمالين غير مرجحين في اي وقت قريب , ومن ثم فاننا نتوقع الاسوا.

ليست هناك تعليقات :