وقبل ان ابدا اؤكد انني لا ادافع عن شخص او فصيل بل ان لي انتقادات اساسية علي السلطة كتبتها في الصحف واشرت اليها في حديثي مع رموز الحزب الحاكم وابرزها ضعف الكوادر وتفضيل اهل الثقة في بعض المواقع , في الوقت الذي اكرر واؤكد فيه احترامي واعتزازي وصداقتي لرموز المعارضة من الوطنيين المناضلين الذين نفخر بتاريخهم النضالي قبل الثورة.
_ _ _
ولنرجع الي تقويم المصطلحات التي تستخدم الآن في الصراع السياسي ومن المهم قبل ذلك ان نصل الي سبوبة الازمة واسمحوا لي ان استخدم هذا المصطلح لانه كان اداة لاتهامي بجريمة عقوبتها ٩سنوات وتحقيق بالنيابة العامة عقابا علي اثارة فضيحة تصدير الغاز سبوبة الازمة ترجع الي اصلين الاول ان الرموز من جميع الفصائل عاشت ٦٠ او ٣٠ عاما معزولة عن قواعدها الشعبية ولكنها كانت تناضل الطغيان باسم الشعب وعندما سقط الديكتاتور وجاءت آلية الصندوق لم تستطع ان تتخلص من استعلائها علي الشعب ووضعه تحت وصايتها فالشعب جاهل لا يعرف مصلحته ويسهل شحنه في اي اتجاه , ولدينا من الفقراء و الاميين ٤٠ في المائة يسهل تطويع تصويتهم وعليه فلا يجب احترام راي الشعب كما ترجمه الصندوق لان النخب تعرف مصلحة الشعب اكثر منه , و الاصل الثاني ان النخب و الرموز المعارضة اكتشفت ان غيابها الطويل عن قواعدها الشعبية اسفر عن عجزها عن الحصول علي الاغلبية المرجوة لان الفصيل الحاكم بقي في الميدان ٨٠ عاما يخالط الجماهير ويخدمها نبلا او بقصد استمالتها وكان اعتقال وسجن وتعذيب رموزها وافرادها مرفوضا في الشارع الذي استمال لها. وهنا لم تجد رموز المعارضة بديلا عن هجر آليات الصراع الديمقراطي و التشكيك في مصداقية الصندوق , وراحت بدلا من ذلك تستخدم الحشد في الميادين و المظاهرات التي خرجت مرات عديدة عن سلميتها واستخدمت عنف القتل و السب و المولوتوف وقطع الطرق ووقف الخدمات وتدمير المنشئات العامة واخيرا وبعد ان فشلت في اسقاط النظام او اجباره علي تسليم السلطة التي اسندها الشعب له , راحت تدعو الآن للعصيان المدني , وهذا اهم المصطلحات التي تستدعي الضبط , فمشروعية العصيان المدني تنبع من انعدام الوسائل الديموقراطية لازاحة الحاكم , وتجاهلت المعارضة ان لدينا انتخابات بعد عدة اشهر تستطيع ان تحتكم اليها وتنزل للشارع لكسب ما يمكن من الاصوات التي توصلها للاغلبية و السلطة. وكانت الحجة هنا ان الانتخابات سيجري تزويرها وانه تم العبث بالدوائر رغم اننا مررنا بخمسة عمليات انتخابية نزيهة وان التزوير اصبح بعيدا عن الاكتمال بعد وضع قواعد الانتخابات الجديدة التي تحتم الفرز الشفاف بحضور كل المندوبين و المراقبين واعلان النتيجة باللجان الفرعية بوثيقة رسمية تسلم صورتها لكل فصيل وان وزارة الداخلية لم تعد هي الجهة المشرفة علي الانتخابات. وعليه تفقد الدعوة للعصيان المدني سببها ومشروعيتها.
_ _ _
المصطلح الثاني هو اتهام السلطة بالتكويش وارهابها وحرمان الاغلبية من اكتمال سيطرتها علي الدولة بموجب التفويض الشعبي الذي حصلت عليه , ولو استخدم هذا المفهوم الغريب مع الحزب الحاكم في دول مثل بريطانيا وفرنسا وغيرها من الديمقراطيات فسيحظي بمشروعية حكم الاغلبية فكل المناصب في انجلترا مثلا ياخذها الحزب الحاكم ليس رغبة في التكويش وانما اعلاء لتفويض الشعب فلم نصادف وزيرا عماليا واحدا في حكومة المحافظين و العكس صحيح. و الغريب هنا ان الاغلبية تسامحا او رهبة استجابت لهذا المفهوم في تشكيل الحكومة ومؤسسة الرئاسة.
المصطلح الثالث الذي اخترعته الممارسة السياسية المصرية هو التوافق وهو انكار تام وشامل للآليات الديمقراطية لانه يكرس ديكتاتورية القلة و العجيب هنا ان فريق الاغلبية تقبل هذا المصطلح ووعد بالعمل به ارضاء للمعارضة دون جدوي.
المصطلح الرابع هو الحوار , فالاتصالات و التفاوض امر ضروري ومطلوب بين القوي السياسية خاصة عند عدم حصول اي فصيل علي الاغلبية وهنا يتم تشكيل حكومات ائتلافية حسب وزن كل حزب وعدد المقاعد التي حصل عليها , ولكن التفاوض السياسي انقلب عندنا الي حوار وهو لا يعكس لغويا ابعاد الصراع , و الحوار او التفاوض يجري علي ضوء قوة كل فصيل مستندة الي عدد مقاعده في البرلمان , اما عندنا فالحوار الذي يتضمن ارهابا للسلطة يتم بين فصيل منتخب وبين رموز معارضة لم يتضح وزنها السياسي ولكنها تستخدم الحشد و المظاهرات لتاكيد قدرتها علي تعويق انشطة السلطة وخدماتها , وهذه صياغة مبتكرة واختراع مصري فريد الامر الذي يزيد المشهد السياسي اشتعالا ويتجه الي تدمير البلاد.
يصاحب ذلك تسييس القضاء فاذا هو يسمو علي ارادة الشعب وتصدر الاحكام باسمه فتترخص محكمة في حل مجلس نيابي جاء بارادة ٣٠ مليون ناخب وهو امر لم يحدث في اي من الديمقراطيات الراسخة , و الدستور الذي اقره الشعب باطل , واعتبار تحقيق احد اهداف الثورة وهو تنحية النائب العام وتعيين نائب عام جديد في سلطة الرئيس قبل تعديل القواعد في الدستور الجديد اعتداء سافرا علي استقلال القضاء يجيش ضده نادي القضاة ويسانده دعم اعلامي قوي.
_ _ _
كل ذلك يجري و الرئيس صامت لا يرد ولا يكاشف الشعب بدوافعه ولا يرد علي اتهامه بالديكتاتورية و التعريض بشرعيته و التطاول علي شخصه و الاعتداء علي مقره. وصاحب ذلك ضعف اداء الحكومة و قلة انجازاتها , ولم يعد لدي المواطن اي وسيلة لمنع هذا الانتحار القومي الا الاحتكام للضمير ولكن الصراع انكر علينا ذلك وانهالت الاتهامات وشن الاعلام هجوما حادا علي دعوة الضمير. فهل نسير في طابور الذبح كما نراها دون اي مقاومة ؟!
ليست هناك تعليقات :
إرسال تعليق