وائل قنديل يكتب عن نقاء الحشد الثوري في 30 يونيو من الفلول و عناصر الثورة المضادة


البضاعة الرائجة في سوق السياسة هذه الايام ان المشارك في احداث 30 يونيو يجب الا يشغل نفسه كثيرا بمسالة نقاء الحشد الثوري من مكونات فلولية وعناصر ثورة مضادة , وفي الوقت الذي ترتفع فيه صيحات القتال ضد مصريين شاركوا في صناعة ثورة يناير ودفعوا ثمنا باهظا قبلها , يصدمك دعوات صريحة للانصهار مع بقايا دولة مبارك.

ومن عجب ان الذين ياخذون علي نظام حاكم الاستعانة بوجوه من زمن مبارك في الحكومة ويعتبرون ذلك خيانة للثورة لا يتورعون عن معانقة اعمدة واركان ذلك الزمن البائس علي قارعة الطريق.

وقد قلت في ذلك مبكرا جدا انه ' اذا كان استسلام نظام منتخب جاء بعد ثورة لمنطق المزاوجة بين الجديد ' الثوري ' و القديم ' الدولة العميقة ' لاعتبارات الضرورة و المنفعة مسلكا مستهجنا , فان لجوء قيادات ثورية لاستخدام السلاح ذاته يكشف عن عوار حقيقي في مفهوم الثورة , ويعد خللا مخيفا في بنيتها الاخلاقية و المنطقية.

واكرر انه يمكن تخيل واستيعاب ان تنحو السلطة منحي براجماتيا , علي اعتبار ان قيم المصلحة و المكسب هي المهيمنة علي اداء الحكومات , غير انه لا يمكن تخيل ان تكون هناك ثورة براجماتية , ذلك ان الثورة بالاساس عمل اخلاقي يجنح للرومانسية , وعليه لا يمكن تصور وجود ' ثورة عميقة ' علي وزن ' دولة عميقة ' , وقد سجل كاتب هذه السطور موقفا واضحا ضد تركيبة اول حكومة تتشكل بعد انتخاب الدكتور مرسي واعتبرتها ' حكومة عميقة لدولة ظريفة ' .

ومرة اخري يخطئ من يتصور ان اصابة الثورة بفيروس الفلول بدات مع التحضير لفعاليات 30 يونيو و الحشد لاسقاط نظام محمد مرسي , ولا مع انفجار الغضب علي الاعلان الدستوري الذي اصدره رئيس الجمهورية في 21 نوفمبر الماضي ورفضه الجميع كونه يمنح الرئيس سلطات مطلقة.

فالحاصل ان خارطة التحالفات تبدلت قبل ذلك بكثير , وكانت بداية الماساة في الاسبوع الاخير من سبتمبر الماضي حين اقدم عدد من الرموز السياسية , الثورية ومنتحلة صفة الثورية , علي تكوين تحالف يقصي رجلا بحجم الدكتور عبدالمنعم ابوالفتوح -- ذلك كان مستصغر الشرر الذي صار نارا امسكت بالثورة كقيم ومبادئ محترمة , حتي وجدنا من لا يخفي استدعاءه لقوي مضادة للثورة في هوجة الحشد ضد الرئيس واعلانه , و الاستفتاء علي الدستور.

وقد سجلت ذلك في مقال بعنوان ' الماساة بدات باقصاء عبد المنعم ابو الفتوح '

وقبل ذلك وفي 26 سبتمبر الماضي نبهت لخطورة هذا المسلك تحت عنوان ' عملية اقصاء عبدالمنعم ابوالفتوح ' وقلت بالحرف : ' بكل المقاييس لا يمكن تصور ان يتداعي عدد من الرموز الوطنية للنظر في المازق الذي تمر به مصر في وضع دستورها , ويمارسون الاقصاء و الابعاد ضد رجل بقيمة عبدالمنعم ابوالفتوح ' .

وكان ذلك تعليقا علي انباء متداولة عن لقاء ثلاثي بين البرادعي وصباحي وعمرو موسي.

وتمر الايام وتقرا تسمع عجبا يجري علي السنة رجال زمن مبارك يرفضون فيه ضم عبد المنعم ابو الفتوح للتيار المعارض للرئيس مرسي بذريعة الخوف علي نقاء التركيبة الثورية الجديدة المهجنة , التي لا تمانع في طرق ابواب جنرال الثورة المضادة في ' ابو ظبي ' عن اية ثورة تتحدثون ايها الظرفاء؟

ليست هناك تعليقات :